السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على خدمة اﻹسلام والمسلمين.
أنا أتسامح مع الآخرين بسهولة كبيرة، وحتى إن أخطأ أحد في حقي أنا أبادر إلي الصلح، المشكلة أني لا أستفيد من تجاربي أبدا، فأتعامل بصدق وكأن شيئا لم يحدث، وأتعرض للاستغلال المادي من أقاربي، لأنهم يقولون أني طيبة، فأنا أحب الطيبة وأكره الغباء، ساعدوني.
وشكرا على مجهوداتهم الرائعة، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mirna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا مجددا.
تمنيت لو أن في مجتمعاتنا الكثير من الناس ممن هو بهذه الطيبة والتسامح، فهذا هو الأصل، ولتخلصت مجتمعاتنا من الكثير مما تعانيه من المشكلات بسبب ما هو عكس هذه الصفات، ولكن الطيبة والتسامح شيء، ووقوع الإنسان ضحية للاستغلال المادي وغيره شيء آخر. ورحم الله الفاروق عمر -رضي الله عنه- عندما قال ما نقل عنه: "لست بالخب، ولا الخب يخدعني" أي أني طيب وليس في صفات الخب المراوغ، إلا أني لست ضحية يسهل على الخب خداعي.
ربما الأفضل هو أن لا تحاولي تغيير طيبتك، وأن لا تحاولي أن تقللي من تسامحك، فهذه هي صفات طيبة على كل الناس السعي للحصول عليها، فلا تفقديها، وإنما وجهي اهتمامك إلى التقليل من كونك ضحية لاستغلال الناس لك، وليس في هذا تناقض، حيث يمكنك أن تكوني في منتهى الطيبة إلا أنك حازمة في أمورك، وتستطيعين إيقاف الناس عند حدهم، ولا تسمحين لهم بتجاوز حدودهم أو التعدي على حقوقك.
ولتبدئي في هذا التغيير، خذي موقفا معينا سيعترضك اليوم أو غدا أو خلال الأيام القليلة القادمة، وحاولي، ومجرد حاولي أن تقولي رأيك تماما في أن الشخص المقابل قد أخذ حقا من حقوقك، أو بأنك غير مرتاحة لما حدث، أو أنك غير راضية عما جرى، وبأنك لن تسمحي بهذا، وأظهري تصميما وحزما في موقفك.
والحزم ليس كما هو شائع -خطأ- أنه مرادف للعنف والغلظة، فقد يكون الإنسان حازما وهو في ذلت الوقت لطيف ودمث الخلق، فالإنسان يمكن أن يكون مسامحا، إلا أنه لا يسمح بالتعدي على حقوقه، وفي البداية يمكنك أن تستعيني بأحد الأقرباء أو الأصدقاء يمكن أن تثقي في حكمته وخبرته في الحياة، لتحاولي أن يعينك في تحليل موقف من المواقف، وكيف كان تصرفك في هذا الموقف؟ وشيئا فشيئا يمكنك تغيير بعض التصرفات البسيطة في حماية نفسك، وفي الدفاع عن حقوقك وممتلكاتك، فهذه لك وليست للآخرين.
ومع الوقت ستشعرين بالجرأة والشجاعة على العيش كما تحبين، وخاصة أنك في العشرين تقريبا من العمر، وكما عرفت من أسئلتك السابقة، مما يشير إلى أن عندك المتسع من الوقت لإحداث التغيير المطلوب.
وفقك الله، وأعانك على هذا الطريق، والذي لا شك أنك بعون الله من سالكيه.