كلما تبت من ذنب أعود لأسوأ منه حتى يئست من نفسي.

0 359

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أدرس في كلية أصول الدين، من الله علي بحفظ القرآن كاملا، أصلي وأصوم الفرائض، ومتحجبة حجابا كاملا، وكنت ألتزم بالنوافل في الصيام والصلاة والصدقات، لكن منذ سنوات بدأت أقع في المعاصي، أفعل المعصية ثم أندم وأتوب ولا أعود لها، لكن أعود لأسوأ منها، في كل مرة أفعل ذلك، حتى بلغت معصيتي حدا لم أكن أتخيله يوما، وأثرت المعاصي على النوافل فلم أعد أقوم بها، وأخشى أني في المرة القادمة أرتكب كبيرة -عياذا بالله-، لم لم تحفظني عبادتي وقرآني ودعوتي لله؟

ما الحل معي؟ فقد يئست من نفسي، وأرى أنها لا تستحق أن يتقبلها الله ويتوب عليها، ففي كل مرة أتوب أعود للأسوأ، حتى إني توقفت عن محاولة إصلاح نفسي، ساعدوني أرجوكم قبل أن يقبضني الله على حالتي تلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا-، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونؤكد لك أن هذا الذي تفكرين فيه لا يفرح سوى عدونا الشيطان، فجددي التوبة، وكرري التوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، واعلمي أن هذا العدو يقود الإنسان للمعصية، فإذا أوقعه فيها بدأ يشككه في نفسه ليوصله إلى اليأس في رحمة الرحيم، ويوصله إلى القنوط من رحمة الله -عياذا بالله-.

ولذلك ينبغي أن تعلمي أن ذنوبنا لو بلغت عنان السماء، ثم لقي الواحد منا العظيم ولا يشرك به شيئا لقابله العظيم بالمغفرة، ولو لقي الله بقراب الأرض خطايا لقيه الرحيم الرحمن بقرابها مغفرة، ولعلت تلك الحسنة على تلك السيئات الضخام.

ولذلك تعوذي بالله من شيطان يجعلك تفكرين بهذه الطريقة، واعلمي أن الشيطان يغير خططه، فإذا كنت تتوبين ثم لا تعودين لكنك تعودين إلى ذنب جديد، فهذا من الشيطان الذي يغير خططه، فهو كما قال الرافعي: "متفلسف، دارس، عنده خبرات، ينصب حبائله" وأكبر ما يريد أن ينصبه في طريقك هو اليأس من رحمة الله، وأن تسيئي الظن بنفسك، بأن تيأسي من رحمة الرحيم، وهذه جرائم خطيرة وكبيرة، فإن الله لم يقل هو رحيم فقط سبحانه وإنما قال: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} ومن الذي أقبل على الله ولم يقبله؟

فحاولي أن تبتعدي عن الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، وصادقي الصالحات، وتقربي إلى رب الأرض والسموات، واعلمي أن كتاب الله جليس لا يمل وصاحب لا يغش، فاهتدي بهداه، واغتنمي فرصة الصيام الذي تتركين فيه طعامك وشرابك لله، فاتركي المعاصي، واتركي الممارسات الخاطئة والعادات السيئة، وأقبلي على الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإنسان إذا أخلص وأقبل على الله كفاه الله ما أهمه، وغفر له ذنبه.

فعليك بالاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسعد بدوام التواصل مع الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات