السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 19 عاما، وأنا -الحمد لله- ملتزمة بكل شيء حتى في ارتداء النقاب، مشكلتي أن أبي يرفض تزويجي -أشعر بذلك-؛ لأنه في كل مرة يتقدم لي خاطب يتعذر بشيء معين، مرة يقول أنهم يريدون خطبتي لتسهيل دخولهم إلى أمريكا، وكل مرة يقول شيئا، وآخر مرة طلب يدي إمام المسجد لشاب يحضر حلقة الدرس عنده، وكلم جدتي، وأخبرته أن أبي لا يريد تزويجي إلا لرجل متدين، وقال الإمام إن الشاب الخاطب متدين ويحضر المسجد باستمرار للدرس، ويبحث عن زوجة صالحة، وهو من عدن -اليمن-، وأمه وأبوه في السعودية، وهو في أمريكا، وقريبا سيتخرج في الجامعة، ونحن من شمال اليمن، وقد فرحت كثيرا بالمواصفات التي يتحلى بها، وقالت جدتي هذا نصيبك.
أنا دائما أسمع عن الخطاب من أمي وجدتي، ولم أسمع أبدا من أبي أن هناك من تقدم لي، وآخر مرة طلبت من أمي وجدتي عدم إخباري بالخطاب حتى تتم موافقة أبي ويتم الموضوع كاملا، لأنني أسمع عن الخاطب كل خير، وبالمواصفات التي أتمناها، ثم يتم الرفض، وجدتي قد أخبرت أبي عن موضوع الخاطب، فأخذ يفكر يومين ثم رفض بحجة أنه لا يعرف هذا الشاب.
والله أنا تعبت، فدائما أبي يقول لا، ويقول إنني ما زلت صغيرة، وأنه يريد لي زوجا مناسبا، وهو يرفض زواجي لأنني -والحمد لله- دائما أخدمهما وأطيعهما، لكنني أرغب بالزواج لأستر نفسي وأكمل ديني مثل أية فتاة.
أبي وأمي -الحمد لله- يعاملانني أحسن معاملة -أطال الله عمرهما وأحسن خاتمتهما وجعلهما من أهل الجنة وجعلني بارة بهما-، ويعطونني أي شيء أريده -والحمد لله- لست محرومة من شيء، لكنني خضت تجاربا في الحب وفشلت، وأمي وحدها تعلم بالأمر، ولا أريد أن أكرر تلك التجارب، وقلت لأمي لماذا يرفض أبي تزويجي؟ فقالت إنه لا يريد أن يعطيني لأحد، وقلت لها: إني أريد أن أتزوج، وأستقر مع زوجي، وأمي أعتبرها صديقتي وأخبرها بكل شيء يتعلق بحياتي -جعلها الله من سيدات أهل الجنة-، انصحوني ماذا أفعل؟ كيف تقنع أمي أبي؟ والله إنني محتارة، أريد أن أتزوج وأستقر، أشعر أنه ينقصني شيء في هذه الدنيا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك الالتزام رغم وجودك في تلك البلاد، ونسأل الله أن يثبتك، وأن يزيدك من الخيرات، ونتمنى أن يتفهم الوالد حاجتك إلى الزواج، ونعتقد أن دور هذه الأم الرائعة التي في مكان الصديق دورا كبيرا، وتأثيرها سيكون كبيرا، فعليها أن تكلم والدك بصدق، وكذلك الجدة عليها أن تبين له هذه الأمور، وعليها أن تتبين المخاوف التي عنده.
بعض الآباء فعلا يحب ابنته جدا، ولا يريد أن يفارقها، لكن هكذا تمضي الحياة، وكما قالت تلك الفتاة لوالديها: (لو كنت أعلم أنكم تدومون لي لما طلبت الزواج، لكن بعد مدة ستجد الفتاة نفسها وليس حولها أحد)، ولذلك من المهم جدا أن تتزوج الفتاة حتى لو كانت تعيش السعادة وكما قلت: - ولله الحمد - كل شيء متوفر لك، لكن كل شيء من شهادات، وأموال، وقصور، لا تسد مكان الزوج، ولا تغني عن سماع كلمة "ماما" كما قالت تلك الموظفة الرفيعة: (خذوا شهاداتي كلها وأسمعوني كلمة ماما)، فإن هذه هي الفطرة، وهذا هو الميل الذي خلقه الله في الرجال وفي النساء، وبه تستقيم الحياة وتستمر وتنتعش.
فنتمنى أن تتفهم الوالدة حاجتك، وأن تكلم الوالد بصدق وإلحاح في هذا الأمر، وإذا كان هذا الخاطب بهذه المواصفات وهو مناسب فأرجو ألا تضيعوا هذه الفرصة، وألا تفوتوا هذه السانحة، وإذا كان الوالد لا يريد أن يفارقك، فاشترطي على من يتقدم أن تكوني معه، وأن يكون معكم، وأن تكوني على قرب من الوالد والوالدة لتتشرفي بخدمتهم، هذا شرط سيقبل به الشاب الذي يرتضيك زوجة، لأن الناس على شروطهم، وأهل الإيمان على شروطهم، فليس هناك داع للإنزعاج.
إذا كانت مخاوف الوالد من نواحي أخرى فأرجو أن تؤمنيه، إذا كان يريد منك بعض الأموال بعد الوظيفة، فبيني له أن الأموال ستكون له وللأسرة، المهم أن نعرف السبب، لماذا هو يتردد؟ وكما قلنا، قد يكون كما قالت الوالدة: نريد لك الأفضل، ولكن نحن لا بد أيضا أن نكون واقعيين، وندرك أن الحياة فرص، وأن الخطاب الذين يطرقون الباب اليوم سيتوقفون غدا، والعمر أيضا يمضي، ومن مصلحة الوالد والوالدة أن تسعدي بجوارهم، وأن يشاهدوا أحفادهم، وأن تكوني إلى جوارهم فيطمئنوا عليك في صحبة الرجل الصالح، الذي نسأل الله أن يجعله من نصيبك.
نشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذا النضج في الفهم لهذه القضية، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأملنا في الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يسخر قلب الوالد حتى يقوم بواجبه في تزويجك، هو ولي ذلك والقادر عليه.