تكررت نوبات الهلع والقلق لدي، فهل أرجع للأدوية مرة أخرى؟

0 559

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم إخواني على هذا الموقع الجدير بالثقة، جعله الله في ميزان حسناتكم وعافانا الله وإياكم من كل مرض.

أما قصتي فهي طويلة بعض الشيء، ولكني سأحاول اختصارها لكم.

أنا شاب أبلغ من العمر30سنة، متزوج ولدي طفلان -ولله الحمد-، في سنة 2006 بدأت معي نوبة الهرع، أي قبل ثمان سنوات تقريبا، وتعالجت منها عن طريق الأدوية، (كالسيبراليكس)، (الريفوتريل)، (والزاناكس)،كنت أشعر بالخوف جدا من الذهاب بعيدا عن المنزل، أو ركوب السيارة، أو الاختلاط بالناس في الأماكن العامة، والمصحوبة بضجيج، أو السفر.

وقبل سنتين حاولت أن أجبر نفسي، وأسافر أنا وزوجتي وابنتي إلى مكان بعيد، وذهبت إلى ماليزيا بالفعل، وكانت أول سفرة لي بعد مرضي، أخذت معي (الريفوتريل)، احتياطا لو حدث شيء لي لا سمح الله.

ولكن كان أكثر ما عانيت منه هو وقت النوم، كنت أعاني من الأرق، والخوف، وأستيقظ فجأة وأنا متعرق، وأحس بخفقان في القلب، ودوخة، وهبوط في الضغط، وضيق في النفس، وبرودة في أطراف قدمي ويدي، مصاحبة بازرقاق شديد في الأظافر، والإحساس بأن روحي ستخرج من جسدي.

شعور مرعب لا يعلم به إلا الله -سبحانه-، وكأن الموت ينتظرني، ولكنني حاولت أن أضغط على نفسي، وأتحكم بمشاعري وأفكاري، إلى أن هدأت، وكان هذا التعب الشديد يأتيني في أيامي الأولى من رحلتي، وبعدها اختفى تدريجيا، مع العلم بأنني استخدمت (الريفوتريل) مرتين تقريبا، لكي أهدأ ولا أعلم ما كان سيحصل لي من غير (الريفوتريل).

بعد هذه الرحلة عدت إلى السعودية، وقطعت الدواء تدريجيا وهذا بفضل الله تعالى، تحسنت حالتي، وصرت أذهب بعيدا عن المنزل بسيارتي، حتى إنني ذهبت إلى مكة مع الأهل عدة مرات، ولكن في بعض الأحيان كانت تأتيني الوساوس والأفكار فيما إذا تعبت وأنا أقود السيارة في منتصف الطريق.

استنتجت من هذا القلق الخفيف بأنني ما زلت لم أعالج نفسي بنسبة 100% من هذا المرض، ولكنني كنت أتناسى ولا أفكر إلا في يومي، وكيف سأقضيه مع أسرتي، مع علمي بأنني لم أشف تماما.

بعد سنتين بالضبط من تركي للدواء، شعرت الآن أن حالة التوتر والقلق والخوف بدأت تأتيني تدريجيا من غير سبب، لقد تعبت تعبا شديدا قبل أسبوعين، وأخذني أهلي إلى الطوارئ، وأعطوني إبرا ومحلولا، وأخبرني الدكتور أن لدي نزلة معوية، ولكنني كنت أشعر بغير ذلك، لأنني شعرت بنفس التعب الذي كان يأتيني وأنا مريض بالهلع، وخفت من أن يحدث هذا الشيء مرة أخرى.

وبالفعل قد حدث لي قبل أربعة أيام، حيث أخذني أهلي مرة أخرى إلى الطوارئ، وأخبرني الدكتور، بأني أعاني من سخونة داخلية، لأنه رأى جسمي يرتعش، مع العلم بأنني لم أكن أحس بالسخونة مطلقا.

الأعراض كانت تأتيني فقط عند النوم، أنام لمدة ساعة أو ساعة ونصف، وأستيقظ فجأة، وأحس بتسارع في ضربات القلب، ودوخة، وضيق في التنفس، وكأن الأكسجين لا يصل إلى داخل جسمي، مع حرارة داخليه غريبة بداخل صدري وبطني، وكأن شيئا يحرقني من الداخل، وبرودة وازرقاق في أظافر اليدين والرجلين، مع رجفة في الجسم وكأنها حالة تشنج، لدرجة إحساسي بتشنج عضلات صدري وإحساسي بهبوط في الضغط، ولا أستطيع المشي إلا وأنا مرتكز على الجدار من شدة التعب.

الحالة هذه مرعبة، ولا توصف بالكتابة أبدا من شدتها، لا أعلم سبب هذه الأعراض المخيفة التي أصبحت تأتيني كل يوم، علما بأنها لا تأتيني دائما عند النوم، بل أنام أحيانا بشكل طبيعي، وأصحو بشكل طبيعي، وأحيانا أنام وأستيقظ فجأة على هذه الأعراض المرعبة التي عكرت حياتي، حتى إنني لو استيقظت طبيعيا من النوم، أشعر بآلام في صدري، وتجشؤ (تكريع) مستمر، مع إنني لا أشرب الغازات كثيرا، وأشعر بخمول وتعب شديد، وعدم الاتزان، ونشفان في الريق والفم، وأحيانا أعاني بصعوبة في بلع الطعام، مع العلم بأنني عملت تخطيطا للقلب قبل يومين، وكل شيء كان سليما -ولله الحمد-.

هذه الأعراض مشابهة كثيرا لأعراض مرضي النفسي الذي كنت أعاني منه قبل سنوات، والآن أحس بأن الأعراض تأتيني تدريجيا، وهذا الشيء بدأ يخيفني ويضايقني بمجرد التفكير به، لأنه كان ماض مرعب بالنسبة لي.

أرجو منكم مساعدتي يا إخواني، فهذا الشيء يسبب لي المتاعب في عملي وحياتي مع أسرتي، ولا أستطيع الدوام في العمل وأنا على هذا الحال، حتى إن درجة التبريد في العمل تجعلني أتوتر كثيرا، وأتجشأ كثيرا، وتظهر عندي آلام شديدة في عضلات الصدر تجعلني أتنفس بصعوبة، وأصبحت أحاول الهروب من عملي لكي أرجع إلى المنزل، وأصبحت لا أستطيع التحدث كثيرا مع أصدقائي.

أحيانا أفكر بأن حالتي ربما تكون بسبب نقص فقر الدم، أو الهيموجلوبين، أو بسبب القولون العصبي، أو مشكلة عضوية.

أنا معتمد على الله ثم عليكم بإجابتي إجابة تفصيلية، عن ماذا علي أن أفعل الآن في حالتي هذه، هل أرجع إلى الأدوية التي كنت أتناولها قبل سنتين، أم ماذا افعل؟

وجزاكم الله كل خير وثواب، وجعله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على رسالتك التفصيلية والواضحة، وقد وصلتنا استشارة مشابهة جدا لاستشارتك، وأقول لك: -أخي الكريم-، الذي خلصت إليه أنك بالفعل تعاني من قلق نفسي، هذا في المقام الأول.

النواة القلقية لديك كبيرة بعض الشيء، وهذا جعلك قابلا جدا لحساسيات نفسية، والحساسيات النفسية من أهمها: نوبات الهرع، أو المخاوف، أو الوساوس.

عودة الأعراض ليست مستغربه، لكن لا أريدك أن تعتبر ذلك انتكاسة مرضية كاملة، هي مجرد هفوات، ونوبات الهلع والفزع هذه إذا تكررت على الإنسان يجب أن يصل الإنسان إلى قناعة أن هذا الأمر نفسي، وألا يعظمه، وأن يصرف انتباهه تماما عن الأعراض، هذه إحدى الوسائل العلاجية الرئيسية.

أخي الكريم، أنا أؤكد لك كما أكد لك الأطباء الذين قاموا بفحصك أن قلبك سليم، وأن الأكسجين لديك في قمة التشبيع والتركيز، وحتى ما ذكر لك من حرارة داخلية بالجسم، هذا كما أعتقد قول من الطبيب أراد أن يطمئنك به -فجزاه الله خيرا-.

حالتك حالة قلقية توترية نفسية، وأنصحك بالآتي:

- أولا: حتى لا تكثر التردد على الأطباء، وتكون أكثر طمأنينة، أرجو أن تراجع طبيبا واحدا تثق فيه، مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أشهر.

- ثانيا: عليك بالرياضة وتطبيق تمارين الاسترخاء.

- ثالثا: اصرف انتباهك تماما عن هذه الأعراض، بألا تترك مجالا للفراغ أيا كان نوعه: فراغا زمنا، أو فراغا ذهنيا، وتذكر أن الواجبات أكثر من الأوقات، وأن هناك الكثير الذي يمكن أن يؤديه الإنسان في حياته، ويكون نافعا لنفسه ولغيره، ويستمتع بحياته في ذات الوقت.

- رابعا و أخيرا: تتناول الدواء، فلا بأس في ذلك أبدا -أخي-، وحين تراجع طبيبك أنا متأكد أنه سوف يؤيد نظرية أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواس:

• (السبرالكس) جيد.

• (والزيروكسات) جيد.

• (واللسترال) جيد.

وهي كلها أدوية جيدة وممتازة، وأنت لا تحتاج لأكثر من دواء واحد.

أخي الكريم، أكرر: الرياضة يجب أن تعطيها حيزا مهما جدا في حياتك، وكذلك تمارين الاسترخاء، فهذه -أي التمارين الرياضية والاسترخائية- من أفضل السبل السلوكية، والتي يمكن أن يساعد الإنسان نفسه بها، ويضمن استمرارية التعافي، وألا تعود إليه الانتكاسات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات