السؤال
السلام عليكم
أشعر بأن قلبي مقفل, وأشعر بأني عندما أدعو الله أو أصلي يكون عقلي في واد, وقلبي في واد آخر, ولا أشعر بالسعادة عندما أتعبد الله, ولا أشعر بأن قلبي متعلق بالمساجد, مع أني أجهد نفسي للصلاة والعبادة, ولكني لست بذاك الحريص جدا, فأنا في بداية مشوار هدايتي. أريد أن أحب الله, وأن يتعلق قلبي بالله, فقد عجزت.
لا أعلم ماذا أفعل, تأتيني أحيانا فترات تدبر وخشوع في الصلاة, وأحيانا أكاد أن أبكي من تأثري بالآيات التي يقرؤها الإمام, وأحيانا (خارج الصلاة) أشعر -والعياذ بالله- بأن الله لا يتقبل صلاتي, ولا ينظر إلى دعائي, والله إني حزين جدا على حالي.
عندما أكون للتو خارجا من المسجد أبتسم وأقول: أنا أحب الله, وأنا سعيد, ولكن في لحظات تختفي بسمتي, وأقول في نفسي: أين هذه السعادة التي تزعم, وأقول في نفسي: كيف أحب الله؟! أريد أن أحب الله.
سؤالي هو: كيف أحب الله؟ وكيف أتعلق به؟ وكيف أكون سعيدا عندما أتعبد الله؟
أرشدوني أثابكم الله.
ملاحظة: أنا ولله الحمد لا أغتاب, ولا أحسد, ولست بنمام, ولست سيئ الخلق, لكن حصلت بيني وبين أحفاد خالي مشكلة, فلم أصلهم, فهل يمكن أن يكون هذا هو السبب, مع أنهم أصاحب سوء؟ وأبناء خالي رجال كبار, لا يهمهم إن زرتهم أم لا, فأنا عمري 15 عاما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابنننا الكريم، ونبارك لك الشهر الفضيل، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة وهذه الاستشارة الرائعة التي تدل على أنك على خير، ونحب أن نؤكد لك (بداية) أن لذة العبادة وحلاوة الخشوع قد لا يجدها الإنسان من الوهلة الأولى، ولكن لا بد من الاستمرار في الطاعات، حتى قال بعض السلف: "اجتهدت في العبادة عشرين سنة ثم تلذذت بها عشرين سنة".
ولا بد أن تكثر من النوافل، وإذا وجدت خشوعا في آية أو في سجود فعليك أن تطيل السجود، وعليك أن تطيل القراءة، لأنك وجدت هذه اللذة، ووجدت هذه الدمعة الغالية التي نزلت وهبطت من خشية الله تبارك وتعالى.
يذكرنا هذا السؤال بما حدث من حنظلة -الصحابي الجليل– الذي قال للصديق: نافق حنظلة، قال: وما ذاك؟ ثم أخبره أنه لما يكون مع النبي –صلى الله عليه وسلم– يعيش أجواء إيمانية، فإذا عافسوا العيال خف ذلك الإحساس عندهم، قال الصديق: وأنا أجد ذلك، فانطلقوا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم– فقال: (يا حنظلة ساعة وساعة) ثم قال: (لو استمررتم على ما أنتم عليه وأنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات).
فإذن هذا الهبوط والصعود موجود، والإنسان ينبغي أن يجاهد نفسه، ويجعل لحظات الفترة أيضا في الطاعة لله تبارك وتعالى والإقبال على الله.
نحب أن نؤكد أنك ينبغي أن تحسن لأرحامك وإن أساؤوا، وتحتمل منهم، وإذا أديت ما عليك فلن يضرك ما عندهم من كبر أو تقصير، والمهم أن تبادر أنت، ونذكر بحديث النبي –صلى الله عليه وسلم– للرجل الذي قال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي.
نبي الرحمة والصلة لم يقل (دعهم) إنما قال: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل) تطعهم الرماد الحار، كناية على ما يدخل عليهم من الشر لتقصيرهم في حقك، ثم بشره فقال: (ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك).
فبشرى لك على هذا الصبر، وبشرى لنا بهذه الاستشارة وبهذه المشاعر النبيلة، ونتمنى أن تستفيد من لحظات الصيام ولحظات القيام لتزداد قربا من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسدد والهداية، ونكرر شكرنا لك على هذا السؤال، ونسأل الله أن يوفقك الجميع لما يحبه ويرضاه.