الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دخلت في دوامة من التفكير والقلق لأنني لم أفهم لماذا خلقنا الله!!

السؤال

السلام عليكم

في الآونة الأخيرة عانيت من قلق شديد وتوتر وتعب شديد، وفقدان الإحساس بالحياة، ومعاناتي لا يعلمها إلا الله، وذلك بسبب أنني لم أفهم لماذا خلقنا الله حقاً؟ واختلطت علي الأمور، وأصبحت لا أعلم ماذا أفعل في حياتي؟ ودخلت في دوامة اكتئاب.

بحثت فوجدت أن كل المشايخ يقولون: إن الله خلقنا لعبادته فقط، لقوله تعالى في كتابه العزيز: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فهل هذا يعني أنه لا يجب علينا الانخراط في الحياة، والسعي للنجاح فيها لأنفسنا، والتمتع بالدنيا وممارسة شغفنا، وذلك في الحلال، مع عدم تضييع الواجبات، أم يجب علينا في كل فعل نقوم به أن يكون لوجه الله، وأنه يجب التفكير في الآخرة دائماً، أم أن العيش والتمتع بالحياة مع تجنب الحرام، وعدم تفويت الواجبات هو العبادة، وهو ما يجب القيام به؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Krim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، إنه جواد كريم.

قبل أن نجيبك نحب أن نخبرك بأنه لا يجب عليك أن تتهيب السؤال عن أي شيء يخص دينك، فليس في الإسلام عورة ليختبئ منها العلماء، وليس فيه كهنوت يعرف البعض فقط ماهيته، شريعتنا واضحة كالشمس -والحمد لله-.

الخلل الذي يحدث أن البعض -أعني بعض المسلمين- لجهلهم بأحكام الشريعة يفترضون سؤالاً مشروعاً، وإجابته واضحة عند أهل الاختصاص، لكنهم يتهيبون السؤال يخشون رد الفعل أو اتهام البعض لهم، أو أي تخوف آخر، فيبدأ بالتفكير في إجابات، وهنا يأتي دور الشيطان ليقذف في عقله إجابة مريحة لكنها خطأ، وهنا يبدأ الخلل والانحراف الفكري؛ لأن الشيطان يستغل تلك الإجابة المغلوطة ليبني عليها عشرات المسائل الشائكة، وهنا يدخل الشاب في دوامات أخرى كان في غنى عنها، لذا متى ما عنّ لك سؤال بادر فوراً دون تهيب.

نعود لسؤالك: نعم خلقنا الله لعبادته، لكن ما التعارض بين العبادة والمتطلبات الحياتية المباحة؟! من قال إن العبادة هي التزام المساجد وترك الدنيا للغير؟

إن العبادة بالمعنى الذي فهمته -الصلاة- لا تستغرق من الإنسان ساعة أو ساعتين، وبقيت له الحياة يعمرها بطاعة الله تعالى ويأخذ عليها أجراً كذلك، فهو حين يسعى في الأرض لطلب العلم أو طلب الرزق فإنه يعبد الله بذلك، لأن الله أمره بهذا فقال: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك/15.
وهو حين يمارس كل حياته يراعي الله عز وجل، ويبتعد عما يغضب الله فهو في عبادة، بل حين ينام ينوي القيام للصلاة والتقوي على عبادة الله تعالى فهو في عبادة، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي" أخرجه البخاري أي أنه يحتسب الأجر في نومه كما يحتسب الأجر في قيامه لِلَّيل.

بل إن المسلم حين يجامع أهله يريد العفاف له ولها فهو مأجور وهي مأجورة، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) أخرجه مسلم.

عليه فلا تعارض في الإسلام بين العبادة وبين السير في الأرض والتمتع بالمباح فيها، نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً