السؤال
السلام عليكم..
أبي دائما يضرب أخي بيديه بقوة، لدرجة أن يدي أخي تحمر بسبب ضرب أبي لأخي على أمور تافهة، وآخر مرة ضرب أبي فيها أخي بيديه بقوة ورمى عليه الكرسي، لدرجة أن يديه احمرتا، ولكن أخي تحمله وصبر عليه، حتى أوشك على البكاء، وسبب الضرب وسبب ضرب أبي لأخي؛ لأن أخي لم يسمح لأبي أن يعد المال في المركز، بالرغم أن المال ليس مال أبي بل مال أخي، أخذها سلف من ناس معينين.
للتوضيح:
أبي لديه حالة عقلية، وشكوك دائمة ضد الرجال، لدرجة أن أبي كلما رأى رجلا فإنه يظنه ظنا تأكيديا بأنه رجل سيئ، وهذا خطأ، فليس كل الناس سيئين.
أخي كالعادة عليه المشاوير، وشراء الأطعمة، والتوصيل دائما منذ كان عمره 12 سنة، حتى الآن بالرغم من ذلك أبي لا يقدره، ولا يشكره، بل يضربه إن لم يفعل ما أمره، فما الحل في ذلك.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طيوفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك وإننا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يهدي والدكم وأن يصلح حاله، وبخصوص ما سألت فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: شكر الله لأخيك حسن تحمله والدك، وإننا ندعوكم إلى الصبر عليه والإحسان إليه بكل سبيل، فإن بره -خصوصا مع سوء حالته النفسية- من أعظم الطاعات، وعقوقه -أختنا الفاضلة- من أعظم الموبقات، فقد جاء في الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس.
وقد حثنا القرآن العظيم على الإحسان إليهما قال تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه"، وقال -عليه الصلاة والسلام- محذرا كل عاق: "رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة".
وقد قال أهل العلم إن حق الوالدين يستمر حتى مع إساءتهما وتقصيرهما في حق الأبناء؛ لأن الله سبحانه لم يربط البر بالإحسان، وإنما ربطه بالأبوة، حتى ولو كانا مشركين يدعوان ابنهما إلى الشرك بالله والكفر به، فعليه حينئذ أن يصاحبهما بالمعروف، قال سبحانه: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
ثانيا: نريد منك –أختنا- أن تشجعي أخاك على بره بوالده، وأن تخبريه أن هذا سيكون ذخرا لك بين يدي الله، وأنه سيجد هذا البر في ولده، وعند لقاءه ربه.
ثالثا: نحن نرى أن كل سلوك تربوي خاطئ لابد أن يبين ولا نوافق عليه ، لكن ما نريد التأكيد عليه -أختنا الفاضلة-، أن والدك سيبقى والدك وإن أخطأ، وإن واجب الدعاء له يبقى دينا في عنقكم له، وإن طاعته في غير معصية لله فرض عليكم.
رابعا: النظرة الواقعية أهم ما ينبغي الانطلاق منها، وهي أن: تغيير عادات الأب دفعة واحدة أمر يصعب الاعتماد عليه، لا سيما وقد نشأ عليها واعتاد، ولكن المطروح هو تقليل العادات السلبية ما استطعنا، وهذا يحتاج عدة أمور:
- الحوار الهادئ مع الوالد دون الحديث عن أنه لا يتحدث ولا يتكلم ولا يمكن لأحد أن يتحاور معه، فالوالد –أختنا- مجبول على محبتكم، ومن هنا ينبغي أن تستغلوا تلك النقطة، في لحظة من تلك الحظات تحدثوا إليه وابدءوا الحوار بإظهار محبتكم وودكم له، وأنكم تحبونه، أظهروا له هذا الكلام جيدا، واعلموا أن مجرد فتح الحوار يعد نافذة قوية للتغيير، ولا يغرنكم الشيطان بإظهار القتامة في كل شيء، فقلب الوالد سيظل حنونا، ولكن يحتاج إلى تكرار المحاولة حتى يترجم الحنان إلى أفعال.
- لوالدك بعض الأهل العاقلين الذين يحبهم، أو الأصدقاء الذين يستمع إليهم، حتى ولو قطع كل الحبال، سيبقى بلا شك بعض الناس الذين تربطهم به علاقة من أي نوع قرابة أو زمالة أو جوار، إن كان هذا قائما، نريد منكم التواصل معه عن طريق الذكور، أو بعض الأهل يطلبوا منه التقرب إلى الوالد، والاجتهاد في إيصال بعض المعاني له عن طريق غير مباشر.
- إن كان والدك يصلي في مسجد ما؛ فيمكنك كذلك التواصل مع شيخ المسجد للحديث إليه إن كان يعرفه، أو تخصيص خطبة جمعة عن حق الأبناء على الآباء.
خامسا: العرب تقول: إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون، ونحن ننصحك بالتعامل الإيجابي مع الواقع ومعايشته، وإظهار المواقف الإيجابية، وعدم تضخيم السلبيات، وعليك بكثرة الدعاء لله عز وجل أن يشرح صدره، وأن يهدي قلبه، وأن يعينكم على بره.
والله الموفق.