السؤال
السلام عليكم.
أشكر كل الاستشاريين، وكل من يكتب ويشارك في حل همومنا.
مشكلتي هي: كيف لا أخاف من الموت؟ وكيف أستشعر رحمة ربي لي في القبر؟
هذه الأسئلة تشغل تفكيري، وأعلم أن الموت حق، ولكنني أخاف أن لا أدخل الجنة؛ بسبب ذنوبي، لأني سمعت بعذاب القبر، وأنهم يعذبون ليوم القيامة.
أنا أحب ربي وأريد أن أدخل جنته، وأريد الاطمئنان في سائر حياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك بحفظه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص سؤالك، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: إننا نتفهم تماما أختنا الفاضلة، ما تتحدثين عنه، ولكن هذا لا ينبغي أن يقلقك أبدا، فالخوف أختنا منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، أما المحمود فهو: ما حجزك عن الحرام، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : (الخوف من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهو فرض على كل أحد)، وقال الله تعالى: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {وإياي فارهبون}.
ثانيا: الخوف المحمود أختنا من الله له فوائد عظيمة، وعد الله بها أتباعه منها:
1- هو علامة على التمكين في الأرض قال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنـكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننـكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}.
2- هو على العمل المتقبل الصالح الذي يبني على الإخلاص دون انتظار ثناء أو مقابل من أحد، قال تعالى: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا}، وقال تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار}.
3- صاحب القلب الخائف من الله، هو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، قال الرسول: (ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله).
4- قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن الخائف من الله ناج في الدنيا والآخرة، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: خشية الله (وهو الخوف) في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا)).
5- ثم أختنا نبشرك بعظيم أجر الله لمن خافه، راجيا رحمته، خائفا من عقابه، أن الله يؤمنه يوم الفزع الأكبر، قال الله في الحديث القدسي: "وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ".
ثالثا: إذن الخوف بهذا المفهوم أختنا محمود، أما الخوف المذموم، فهو الخوف من غير الله، أو الخوف الذي يدفع صاحبه إلي البعد عن الله وارتكاب المحرمات - عافانا الله وإياك منه -.
رابعا: سبب الخوف القلق عندك من الموت أختنا الفاضلة، هو عدم إتباعك سلوك أهل العلم، فإن الخوف لا يقرن إلا بالرجاء، هما (الخوف والرجاء) كجناحي الطائر.
وحين تتصفحين القرآن أختنا الفاضلة، ستجدي أن الله يقرن في آيات كثيرة بين الخوف والرجاء، قال تعالى: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين}.
ويقول مثنيا على الصادقين من عباده: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون}.
ويقول كذلك: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}.
ولذلك ندعوك إلي دراسة باب الرجاء، وسيتحسن حالك تماما - إن شاء الله -.
ولمزيد من الفائدة، يرجى مراجعة علاج الخوف من الموت سلوكيا: (259342 - 265858 - 230225 ).
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به والله الموفق.