السؤال
السلام عليكم
في البداية أود أن أشكر هذا الموقع والقائمين عليه، جزاكم الله كل الخير.
أنا في حيرة من أمري ولا أعرف ماذا أفعل، فقد تقدم شاب لخطبتي وأنا عمرى 23 عاما وهو 27 عاما، نحن متكافئآن تقريبا في التعليم والمستوى الاجتماعي، لكن المشكلة أنني أضع مواصفات ليست مادية أبدا للشخص الذي أريد الارتباط به، فأنا اهتمامي هو الشخص ومدى ارتياحي وفرحي به، ولا أفكر في المادة على الإطلاق.
أتى لرؤيتي في المنزل ولكن أنا لم أعجب به على الإطلاق، وبمجرد خروجه قلت أنني لست موافقة، ولكن والدي أصر أن أجلس ثانية وأتحدث معه لعله يحدث ارتياح، وجلست معه ووجدته شابا طيبا وعلى خلق وأعجب بي وبعقلي وشخصيتي جدا، ولكن المشكلة بي فأنا لم أعجب به، وهو ليس جميل الشكل، أنا لا أريده وسيما، ولكن كنت أريده مقبول الشكل، وأشعر بأنه إنسان عادي لم ألمس فيه شيئا يحرك مشاعري، أو أي من الصفات التي كنت أتمنى سوى أنه مؤدب ومتفاهم وعلى خلق.
ولقد صليت استخارة وقررت ترك الأمر لله، صليت أكثر من 7 مرات استخارة وقيام حتى أنني صليت صلاة الحاجة، ولكن لم يحدث شيء، ما زلت لا أعلم هل أوافق أو لا؟ دائما في أمور الزواج يكون لي رأي ولكن لا أعطي رأيي إلا بعد الاستخارة، وأشعر من خلالها أن هذا الشخص ليس خيرا لي، دائما كان الله يعطيني علامة ولكن هذه المرة لا، وهم ما زالوا في انتظار الرد، هل معنى هذا أن أوافق؟ لأن الله لم يحدث شيئا يعرقل الموضوع ككل مرة؟ أم أرفض لأنني لست مقتنعة به؟ فأنا أخشى أن أرفض ويكون خيرا لي، أو يعاقبني الله لأنني قلت أن شكله ليس جيدا، وأخشى أن أوافق فيتعلق بي أكثر ولا تتحرك مشاعري تجاهه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أريج حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
وبخصوص ما سألت عنه -أختنا الفاضلة-، فإننا نود أن نبين لك ما يلي:
أولا: مع تفهمنا الطبيعي لكل فتاة يتقدم لها شاب تريد أن يكون له سمات وصفات طبيعية، ومع تفهمنا لحرصك على ذلك وخوفك وقلقك، نريد كذلك أن نطمئنك حتى تهدأ نفسك ولا تحمليها ما لا تطيق، اعلمي -أختنا الفاضلة- أن الزواج رزق من الله عز وجل، وهو مقدر من قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) فالذي كتبه الله لك زوجا لن يسرع بمجيئه حرص، ولن يسلبه منك أحد، فاطمئني.
ثانيا: نطمئنك كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، فمن تقدم لك وتم رفضه قد سبق في علم الله ذلك، ولو لم تتحدثي أنت لانصرف هو، هذا قدر الله وهو الخير لك، نعم –أختنا- ما قدره الله خير مما أردتيه لنفسك مما لم يقدره الله لك، فاطمئني وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال الله تعالي: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} صدق الله العظيم، فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.
ثالثا: لا نريدك أن تقلقي ولا تنزعجي بالغد، وعسى أن يكون من خبأه الله لك خير مما مضى، فالله لا يقدر لعبده إلا الخير، وقد يكون عين ما تخافين منه هو الآن في قلب ما تريديه تماما:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى * ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكان يظنها لا تفرج
فمن المعلوم –أختنا- أن الشيطان إذا وجد الخير للمسلم أو المسلمة بغض كلا منهما للآخر، وعسى أن يكون هذا ما حدث معك.
رابعا: إننا ننصحك -أختنا- بما يلي:
أولا: تكرار صلاة الاستخارة قبل طلب رؤيته مرة أخرى، ونصها كما علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن نفزع إلى صلاة الاستخارة عند إرادة فعل ما، وهذه سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنا نشير عليك بها، فما ندم من استخار، وقد كان جابر -رضي الله عنه- يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به. ويسمي حاجته) لذا نريد منك ابتداء الصلاة.
بعد ذلك أتمي الموافقة وسلمي الأمر لله تماما، وثقي أن الله سيقدر لك الخير ولا تخافي ولا تقلقي ولا تحزني على شيء، إن قدر الله الزواج فاعلمي أن هذا خير، وإن لم يقدره الله فثقي أن تقدير الله هو الخير ولعل الله يدخر لك من هو أفضل لك وأحسن.
اعلمي -أختنا- أن الأصل في الموافقة يكون على مجموع الصفات لا على آحادها، فمثلا إذا أردت الزوج صاحب دين وخلق وطويل أو عريض أو وسيم أو أي صفة، لا تظني أنك ستجدين كل الصفات في المتقدم، فإن هذا محال، بل عليك أن تنظري إلي مجموع الصفات التي تحبينها، فإن كانت الأكثر فحي هلا بالموافقة، وإن كانت الأقل وعلمت أنك لن تستطيعي أن تتعايشي معه فلا تقبلي، المهم أن تكوني واقعية في طلباتك.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لك الزوج الصالح، والله ولي التوفيق.