السؤال
السلام عليكم
أشكر د. محمد عبد العليم، وكل القائمين على هذا الموقع الرائع.
مشكلتي تتلخص في الخوف الشديد، إن لم أصفه بالهلع من الجن بسبب حادث شديد حصل لي قبل شهر من الآن.
كنت أنا وأصحابي ذات ليلة في البر، وقام أحد الأصحاب بعمل مقلب الاختباء، ورمي الحجارة، وتقليد أصوات الحيوانات، حتى ظننت أنها الجن، فقمت بالهروب، ورأيت صديقي خلفي حتى كدت أن أفقد عقلي، ومنذ ذلك اليوم إلى الآن أعاني من حالة خوف شديدة لا يعلم بها إلا الله، خصوصا بالليل، حتى ولو كنت بين الأهل والأقارب، تفكيري أصبح أني سأراها، وأنها سوف تظهر لي، حرمت من النوم الهانئ، أصبحت لا أنام حتى أستخدم منوما أو أي شيء يؤدي إلى النوم!
كذلك لا أنام بمفردي كالسابق، بل كلمت أحد إخواني ينام بجانبي، أصبحت أنظر إلى الأبواب والنوافذ ليلا، وفي حالة خوف شديد وترقب أني سأرى من يفتحها أمامي، أتخيل بأن أحدا ما سوف يظهر لي بأي وقت، حتى إني صرت لا أطيق قيادة السيارة ليلا في الطرق الخالية؛ لأني أخاف أن أرى شيئا يمشي بالطريق، أو يركب بالمقعد الخلفي، أصبح تفكيري فيها ليلا بشكل غير طبيعي، وخوف شديد جدا.
أريد -الآن أن تكتبوا لي اسم عقار يهدئ ويعالج اضطراب ما بعد الكرب، وأن أنسى ما حدث لي، وأتخلص من الخوف والهلع، والخروج من هذه الحالة النفسية الشديدة بأسرع وقت، وأرجو أن تكتب لي كيفية ومدة الاستخدام، وطريقة التوقف؟
سائلا المولى أن يوفقكم لما يحب ويرضى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الفاضل: لا أريدك أبدا أن تعتقد أنك تعاني من اضطراب ما بعد الكرب، أو ما يسمى بعصاب ما بعد الصدمة، الأمر لم يصل إلى هذا المستوى، هذا الصديق قصد أن يخوفك، وأنت حين تستجيب لهذه الطريقة السلبية لما حدث يعني أنك قد حققت لهذا الصديق ما يريده من خلال حادث معروف ومتكرر، وحتى نحن في طفولتنا كنا نقوم بمثل هذه الممارسات، الأمر لا يستحق كل هذا أبدا، كل الدور الذي لعبه هذا الصديق كان دورا تمثيليا دراميا، ويجب أن تتفاعل معه على هذا الأساس، هذا كلام لا أساس له، هذه مجرد نوع من الخزعبلات المنتشرة في المجتمع، وأنت أرفع من ذلك، وأنت أكبر من ذلك، وأنت أشجع من ذلك، وأنت أحسن من ذلك.
لا بد أن تغير نفسك فكريا، لا عن طريق الأدوية، فأيها الفاضل الكريم: حاول أن تتفكر وتتأمل في هذا الموضوع وفيما ذكرته لك، ومن خلال التعليم المضاد أي رفض هذه الفكرة، وأن كل ما جرى كان الهدف منه نوعا من المزاح، وأنك يجب ألا تكون سريع التأثر بهذه الطريقة الإيحائية، وبعد ذلك تبدأ تحقر فكرة الخوف، هذا هو الذي يفيدك، وابدأ في التطبيقات، ابدأ بالخروج، استعن بالأذكار، اجلس مع أصدقائك، لا تتوهم الأشياء، مارس رياضة جماعية مع أصدقائك، اذهب لزيارة المرضى، ساعد الضعفاء، واعرف أن أهل الأرض جميعا لو اجتمعوا لن يضروك بشيء إلا شيئا قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن ينفعوك، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، الأمر واضح، الأمر يجب أن تعامله بتفكير وتدبير إدراكي إيجابي معرفي صحيح، هذا هو الذي أنصحك به، أما أن تنزوي، وأما أن تنظر هنا وهناك، وتحدث لك نوعا من الهلاوس والوساوس الكاذبة فهذا أمر ليس صحيحا أبدا.
ارتق بنفسك -أيها الفاضل الكريم- وأنت لست مصابا باضطراب ما بعد الكرب كلا، الأمر ليس كذلك، لا أعتقد أنك في حاجة لأحد مضادات الخوف، لكن يمكن أن تتناول عقارا مثل: (الجمبرايد) والذي يعرف باسم (سلبرايد) يخفف من قلقك وتوترك، جرعة (الجمبرايد) هي 50 مليجراما صباحا ومساء لمدة شهر، ثم 50 مليجراما صباحا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
انطلق في الحياة بكل معانيها وبكل جمالها، وعدد أنشطتك، اجتهد في عملك وواجباتك الاجتماعية، هذا يصرف انتباهك تماما عن هذه المزحة السخيفة التي قصد صديقك بها أن يروعك، وقد أدرك ما يريد فيجب أن تكون فاطنا لذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.