نعيش بضغط نفسي قاس من والدي، هل إظهار المودة غير الصادقة له نفاق؟

0 289

السؤال

السلام عليكم

أنا أواجه تأنيبا قاسيا من نفسي، فأنا أعيش مع والدي بعد سفر أمي وإخوتي، ولو تسمح لي بعرض نبذة عن حياتنا، أنا في العقد الرابع من العمر وأعتبر أصغر إخوتي، ومثل مهرج بالسيرك القومي أعيش يومي بالابتسام والضحك والحديث مع والدي وقلبي يصرخ من الألم، فنحن نعيش بضغط عصبي قاس من والدي الذي يريد أن يكون النجم الصاعد في حياتنا وفى كل قراراتنا، وحتى زواج إخوتي الرجال، وكان والدي من أهم العوامل المساعدة في فساد حياة أحد إخوتي وتسبب في طلاقه، وحتى إذا تقدم أحد لبناته فإنه يحول جلسة التعارف إلى الحديث عن بطولاته، وكيف أنه حكيم العصر وقراراته صائبة، ويخبر القاصي والداني عن أخص خصوصيات أبنائه، فلا سر مؤتمن لديه، ولا مانع لديه في طردهم إذا أحس أنهم لا يولونه الاهتمام الذى يستحقه.

سيدى الكريم، اختصارا لحياة كئيبة وضغط عصبي وضيق نفس، فأنا لا أقدر حتى على الدعاء له بالهداية والصلاح، ولا أنكر أنني في فترة كبيرة كنت أدعو الله أن يريحني من صوته ووجوده في حياتي، وأدعو الله الآن أن حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم اكفنا شره، ولكني قرأت وعرفت مقدار خطئي وعقوقي حتى بالدعاء على من ظلمني أنا وإخوتي وأمي! عرفت أنه مهما فعل الأب في أبنائه لا بد لهم من الإحسان إليه لمجرد أنه والدهم.

سؤالي سيدى الفاضل: هل أعد من المنافقين لإظهاري ما يخالف قلبي؟ حيث أنني أفضل أن أكون في أقاصي الشرق ووالدي الفاضل في الغرب، أم أستمر في إظهار الود والحب وطول البال؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وندعوك للاستمرار في إظهار الحب لوالدك مع طول البال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال وأن يحقق في طاعته الآمال، وأن يحسن أقوالنا والأفعال.

نتمنى أن تستمعوا لوالدكم باهتمام، ثم تفعلوا ما يرضي الله وما يحقق المصلحة، وقد قال الحكيم: قد سرك من أرضاك ظاهره. ولا شك أن حق الوالد عظيم ومداراته مطلوبة، وكذلك الدعاء له وليس عليه، فتعوذي بالله من شيطان يقود الناس إلى الضيق والشر، وتذكري أنه عدو لنا، والنجاح في أن نعامله بنقيض قصده.

وإذا طرق الباب خاطب، فلا بد أن يكون لإخوانك دور خاصة إذا لاحظوا انزعاج الضيوف، سواء أكان ذلك بالاعتذار لهم أو بإزالة مخاوفهم، ولماذا لا نعطي من يريد الفخر والمكانة حقه خاصة عندما يكون كبيرا في السن، وطاعة الوالد واجبة ما دام يأمر بالخير، فإن طلب ما يغضب الله فلا سمع ولا طاعة، ومع ذلك فلا بد من مصاحبته بالمعروف قال تعالى: {وإن جاهداك علىٰ أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ۖ وصاحبهما في الدنيا معروفا ۖ واتبع سبيل من أناب إلي ۚ ثم إلي}.

ونحب أن نطمئنك أن إظهار الود للوالد لا يعتبر نفاقا، ولكن لا بد من السعي إلى تحويل ذلك الود إلى عبادة تفوزين بها بثواب الله، فمن واجبنا أن نحبهم فعلا، ونصبر عليهم احتسابا للأجر والثواب، ورغبة فيما عند الكريم الوهاب، واعلمي أن القرب من الوالد والاجتهاد في إسعاده من أفضل العبادات، وإذا تذكرنا لذة الثواب نسينا ما نجد من الآلام.

نسعد بدوام التواصل مع الموقع ونشكر لك السؤال، ونتمنى أن تستوصوا بالوالد خيرا، ونسعد بنقل هذه الوصية لكل أفراد الأسرة، فبر الوالد باب إلى الجنة والرضوان، ووصيتنا للجميع بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه.

ونسأل الله أن يعينكم على البر، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات