السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
في البداية أوجه الشكر لكل القائمين على الموقع، جعله الله لكم في ميزان حسناتكم جميعا.
مشكلتي تتلخص أنني ومنذ صغري أعاني من قلة الكلام خصوصا في الجلسات الجماعية، والسبب أنني لا أجد كلاما مناسبا لأقوله، وأيضا لا أتكلم إلا عندما يوجه لي شخص كلاما، عندها أجيبه وأتكلم معه كلاما قليلا، حتى أنني لا أختلط بالناس، وأصدقائي ومعارفي قليلون، وكثير من الناس تكون معرفتي بهم سطحية، وذلك لأنني قليل التحدث معهم.
أيضا أشعر في أوقات كثيرة بالخجل وعدم الثقة، مع العلم أني لا أشغل نفسي بهذا، وأحاول أن أتعامل بشكل طبيعي مع الناس، ولكن للأسف طبعي هو قلة الكلام، هذه مشكلة بالنسبة لي خصوصا أني تخرجت هذا العام، وبالطبع وظيفتي وعملي كمهندس في المواقع والمكاتب يتطلب أن أكون اجتماعيا، وجيد التصرف في المواقف.
عندما أجلس مع نفسي أفكر كثيرا بخيالي، وأيضا أجلس على الحاسب فترات طويلة، وقليلا ما أخرج، فقط أخرج عند الضرورة سواء كانت دراسة أو عملا، أو مقابلة أصحابي الذين -كما ذكرت- بأنهم قليلون.
مشكلتي الأساسية هي الخجل وقلة الكلام، والانطوائية، وأعتقد أنه من الصعب تغيير حالتي.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على رسالتك وعلى إعجابك بموقعنا.
لكل إنسان طبيعته الخاصة، حيث يتميز كل منا ببعض الصفات التي تميزه عن غيره، كالحركة والكلام وغيرهما، ويبدو من طبيعة شخصيتك أنك تميل للتواصل الاجتماعي، وربما هذا يعكس عندك درجة عالية من الذكاء العاطفي، ومن أدلة ذلك أنك أخبرتنا وبكل بساطة بإعجابك بهذا الموقع.
ومن طبيعة الإنسان الاجتماعي في كثير من الأحيان أنه يميل للكلام والتواصل مع الآخرين أو قلة الكلام، وليس هذا بالمعيب، وليس هناك صحيحا أو خطأ إلا إذا زاد عن حده المريح، ويختلف هذا من شخص لآخر.
إن سؤالك هذا وثيق الصلة بموضوع المهارات الاجتماعية، وخاصة في موضوع التواصل والتعامل مع الناس، حيث يمكن أن نرتبك أحيانا عندما نتعامل مع الآخرين من حولنا، أو لا نجد ما نتحدث به معهم، وقد نبدو وكأننا لم نستوعب ما يقولون، أو لم نفهم كلامهم.
كلمة مهارات تعني أنها قدرات وإمكانات قابلة للتعلم والاكتساب والتدريب والممارسة، ومنها المهارات الاجتماعية، ومهارات الحديث والتواصل، وتنمو عادة مهارات التواصل والتعامل مع الناس من خلال التجريب والممارسة والتطبيق، وخاصة أنك في هذه السن اليافعة، فأنت الآن في هذه المرحلة من السعي لامتلاك هذه المهارات الاجتماعية.
ومما يعينك كثيرا على تحقيق هذا هو امتلاك الثقة بالنفس من أنك قادر على التواصل مع الآخرين، فهذه الثقة بالنفس النابعة من تقديرك لذاتك وإمكاناتك، ستجعلك تنطلق وبقوة في مواجهة الناس وفي اكتساب المهارات والخبرات التي تريد.
والمهم في هذه المرحلة ألا تتجنب لقاء الناس ومحاولة الحديث معهم؛ لأن التجنب والهروب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا وشدة، بينما كل فرصة تتاح لك للقاء الناس والحديث معهم هي فرصة ذهبية للعلاج والتعلم والتصحيح. فهيا بادر للاجتماع بالآخرين، وحاول الحديث ولو بكلمات قليلة جدا، ومن ثم سيزداد حديثك، وتتقن هذه المهارات الاجتماعية.
وطبعا ولنا في هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- خير معلم عندما قال لنا: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت) وقد يعيننا هذا على تصحيح النظرة للكلام فيما لا ينفع.
والشيء الهام عندي، ألا تعقد نفسك من هذا الأمر، وألا يسبب لك مشكلة أو صعوبة نفسية، ولا بأس أن يكون الإنسان على حالته الطبيعية، وكما ورد في سؤالك أنك تحاول أن تكون طبيعيا مع الناس، مع محاولة التغيير، ولو البطيء والمتدرج.
وفقك الله، وكتب لك الفلاح.