السؤال
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
مشكلتي تكمن في حيرتي بين الزواج و إكمال التعليم، فأنا أحب أن أعمل، وأن أدرس فهذا هو هدفي وحياتي التي أتمناها، أنا الآن سألتحق بالجامعة لتحضير شهادة الدكتوراه - إن شاء الله -.
أبلغ من العمر 24 سنة، تعرفت على شاب مغترب، قرر أن يخطبني وأن نتزوج في القريب العاجل، هو لا يحب أن أعمل، يريدني ربة منزل، ولا يحبذ اختلاطي بأقاربي من الرجال، فهو متدين، ويكبرني بثمان سنوات.
أشعر بعدم الراحة معه، ولا يمكنني التفاهم معه، ليست هذه هي الحياة التي أحلم بها، أحتاج إلى مشورتكم، فأنا خائفة من رفض الزواج، فهو لا يعوض كزوج، ولكنني في المقابل أريد إكمال تعليمي وعملي فهذا هو حلمي، وهذا ما يتمناه والداي الكرام، لا أعلم ماذا أفعل، أحيانا أردد في نفسي أن ما قدره الله سيكون ولو بعد حين.
أرشدوني للطريق الصحيح، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fati bayan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا يخفى على أمثالك أن المؤمنة إذا تحيرت في أمر، ولم يتبين لها الصواب، فإنها تهرع إلى صلاة الاستخارة، والتي كان النبي – صلى الله عليه وسلم -، يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، ولن تندم من تستخير وتستشير، وترضى بما يقدره القدير.
أرجو أن تعلمي أن الانشراح والارتياح هو قاعدة النجاح في الحياة الزوجية، ونحن لا نؤيد الدخول في مشروع للزواج دون قناعات راسخة، فمشوار الحياة طويل، وفيه مسؤوليات وصعوبات لا يمكن تجاوزها إلا بالحب، والتفاهم، والاقتناع، بعد توفيق ربنا الفتاح.
ولا شك رأى أفراد أسرتك مهم جدا، فهم أحرص الناس عليك، وأعرف الناس بأحوال الرجال، فأشركيهم وشاوريهم، فأحسن القرارات ما جاء بعد مشاورات ودراسات، ونظر في البدائل، والعواقب، والمآلات، بالإضافة الى الظروف الخاصة بك، وبالأسرة، وفرص الزواج في مجتمعك، وحاجتك إلى العمل، وإلى العائد المادي.
ولم يتضح لنا معنى قولك - لا أتفاهم معه -، هل تقصدين في الأسلوب عامة، أم في موضوع الدراسة والعمل؟ ومن الإشكال أن تكون شخصيته غير قابله للأخذ، والعطاء، والتفاهم، وقد فهمنا من كلامك إنه متدين، ولكن التفاهم، والمرونة، والأخلاق، كلها أمور مطلوبة لكي تستقيم وتستمر الحياة، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (دينه وخلقه).
وعلى العموم فالدين لنفسه، وهو الضابط الأكبر، والنظم الأعظم لحياة الإنسان، وهو السبب في إصلاح الخلل، وبالدين يكتمل النقص، أما الأخلاق فهي للناس، وهى ثمرة الدين، وركن البعثة المحمدية.
وتحقيق أهداف الحياة، سبب من أسباب السعادة، والجمع بين التعلم والزواج ممكن، ونتمنى أن يتفهم حاجتك لنيل الشهادات، ولا مانع بعد ذلك من التفرغ للأسرة حسب الحاجة، لأن الأسرة هي الأصل، والفائدة من وجود شهادات ومؤهلات؛ هو أنها مفيدة عند الحاجة إليها، بخلاف التوقف عن الدراسة فجأة.
أما بالنسبة لمطالبتك بعدم الاختلاط مع أقاربك أو أقاربه من الرجال، فهذا طبعا مطلبا شرعيا، فلا اختلاط إلا مع المحارم فقط، أما السلام والسؤال مع المحافظة على الحجاب الكامل، فأرجو أن لا حرج، نسعد بدوام التواصل مع المزيد من التوضيح، حتى تتضح أمامنا الرؤية.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونتمنى أن لا تستعجلي، فالقرار كبير والارتياح والقبول أمر أساسي، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
والله الموفق.