زوجي شفي من اضطراب التكيف، ما الذي يمكنني عمله حتى لا يعود إليه؟

0 353

السؤال

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة منذ 14 سنة، زوجي كان ضابط شرطة وتعرض لمتاعب نفسية ترك على أثرها عمله، وكنت بجانبه طوال المدة حتى التحق بعمل آخر، ولم يلبث أن تركه بسبب نفس المتاعب النفسية.

تم تشخيص حالته باضطراب التكيف، ولاحظت عليه أنه عندما يواجه ضغوطا فإنه لا يتعامل معها، بل يعمد إلى تجاهلها، والهروب إلى النوم، فهو يعمد للنوم لساعات طويلة جدا، عندما يكون مكتئبا أو محبطا، وفي المقابل عندما يجد التشجيع والتحفيز والدعم في العمل، أو يوضع في موضع المسؤولية والقيادة، فإنه غالبا ما يبدع وينتج ويكون حيويا وفاعلا، وبمجرد ما يواجه مشكلة ما يقف عندها، فإنه يقف وينهار، المعذرة على الإطالة، ولكن أردت إيضاح طبيعة زوجي.

المهم أنني بعد تركه للوظيفة الثانية كنت معه، وحاولت بكل الوسائل مساعدته نفسيا ومعنويا وحتى ماديا، لكي يبحث عن عمل ونخرج من الأزمة، ولكن عندما لاحظت عدم تجاوبه معي، وتجاهله للوضع الذي نحن فيه، آثرت الانسحاب، خاصة في وجود طفلتين بعمر 3-4 سنوات، وعدم وجود مصدر دخل، بالإضافة إلى أن الظروف أدت إلى فشلي في الدراسة، حيث كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية، ورسبت في جميع المواد.

أخذت بناتي وذهبت لأهلي حيث استقبلوني بكل ترحاب، وكذلك بناتي، وجلست في بيت أهلي طوال فترة الدراسة الجامعية، ولم أطلب الطلاق خوفا من أن يأخذ زوجي بناتي، وفي نفس الوقت كنت يائسة من صلاح حال زوجي، ولم يكن لدي استعداد لخوض التجربة معه مرة أخرى.

تردى وضع زوجي في منزل أهله، وكان وضعه سيئا، بالإضافة إلى موقف أهله السلبي جدا، حيث تركوه ولم يساعدوه في التغلب على الظروف، حتى لم يكن هناك أي تواصل منهم أو منه بشأن البنات، أو بشأني.

في آخر سنة من دراستي الجامعية بدأت أفكر في حالي، حيث أني طوال الفترة السابقة كنت مصممة على صب كل اهتمامي على إكمال الدراسة والنجاح بغض النظر عن الظروف، واتخذت قرارا حينها بأن أضع حدا للوضع بمجرد تخرجي من الجامعة، وفعلا في صيف عام تخرجي قمت بالاتصال بزوجي، تفاجئ جدا وفرح كثيرا ووعدني بالتغير، وفعلا استمررت بالتواصل مع زوجي بالهاتف ومتابعة وضعه وبحثه عن عمل.

تغير حال زوجي كثيرا، وأصبح للأفضل، واستعاد الثقة بنفسه، وأصبح يحضر لمنزل أهلي لزيارة البنات، ولكن لم نتقابل وجها لوجه، حيث أنني أفهمت زوجي أنني لن أستطيع أن أكون معه حتى يحصل على عمل، ويكون قادرا على إعالة أسرة ومنزل.

استمررنا على هذا الحال لمدة سنتين، و-الحمد لله- جمع زوجي المال للمنزل، وكذلك مبلغ جاء به لأهلي كرضوة لطلب رجوعي أنا وبناتي، وعدت لزوجي أنا وبناتي منذ سنتين تقريبا، كانت أمورنا -ولله الحمد- من الحسن للأحسن على جميع الأصعدة، وهذا كله بفضل الله عزوجل، كيف أتعامل مع زوجي لكي لا يعود لحالته السابقة؟ حيث تراودني المخاوف من تكرار نفس الشيء من ترك العمل وتفكك الأسرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعك ونشكر لك مؤازرة الزوج والاهتمام بمستقبل الأسرة، ونسأل الله أن يصلح الأحوال وأن يحقق الآمال، وأن يعيننا جميعا على طاعته إنه الكريم المتعال.

لقد أعجبتنا الطريقة التي تعاملت بها مع زوجك، ونشكر لك فهم نفسيته واحتياجاته، بالإضافة إلى النظر إلى الدراسة باعتبارها مما يعين في مستقبل الأسرة -بعد توفيق الله عز وجل-، وقد تكشفت أمامك وأمام زوجك الأمور، وأيقن أنه لن يجد مثلك وسواك، ولذلك أقبل عليكم بروح جديدة، فأحسني الاستفادة من إقباله، وواصلي التشجيع والثناء على كل نجاح يحققه.

ونتمنى أن لا تشعريه بأنك متوترة أو قلقة أو خائفة؛ لأن المشاعر السالبة لا تساعده على بلوغ العافية، كما أن المشاعر تنتقل وتعدي، وأرجو منك التجاوب والفرح مع كل خطوة إلى الأمام، ونؤكد أن دور الزوجة كبير جدا، والمرأة تملك عناصر التأثير وتملك القدرات الهائلة على النكد والتحطيم.

وأرجو أن تعلمي أن الأطفال بحاجة إلى والد ووالدة وأن الفراق لا يكون حلا، كما أن السلبية لا تزيد الأمور إلا سوءا، ونتمنى أن لا يتكرر منك ترك المنزل، خاصة بعد أن تبين لك أن دور أهله سلبي تجاه الجميع.

وزوج المرأة هو أولى الناس بها، فكيف إذا كان عندها منه أطفال؟ والزوجة الوفية مأجورة ومشكورة في الدنيا والآخرة، والكريمة مثلك لا تتخلى عن زوجها في سنوات مرضه وضعفه.

وأرجو أن تشجعيه على الطاعات، وعاونيه على كل ما يجلب رضوان رب الأرض والسموات، واقتربي منه وادخلي إلى حياته، وزيدي من القواسم المشتركة بالمشاركة في هواياته وتسليط الأضواء على إنجازاته، وواصلي الوقوف معه في لحظات الهبوط، وثقي بأنك أول وأهم طبيب بالنسبة له، ومهما قابل من أطباء وأخذ من علاجات فإن دورك يظل هو الأكبر -بعد توفيق الله عز وجل-.

نسعد باستمراركم في التواصل مع موقعكم، ونتمنى أن تشجعيه على الكتابة إلى الموقع، واعلمي أن مجرد حديثه عن معاناته -وفضفضته- جزء رئيسي في الطريق إلى العافية.

وهذه وصيتنا لكم: بتقوى الله ثم بإصلاح ما بينك وبينه، ليصلح لكم الأحوال، وأرجو أن تبعدوا الأطفال عن المعاناة، فإن ظهرت لهم فطمئنوهم وأشعروهم بأن الأمور طيبة، ووفروا لهم الحب والتقبل والعدل، وكوني لهم قدوة، وعليك بالدعاء وتسلحي بالصبر واعلمي أن العاقبة لأهله.

نسأل الله أن يوفقكم ويحفظكم ويرعاكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات