منذ تخرجت من الجامعة لم أحصل على وظيفة، فما نصيحتكم؟

0 370

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب ملتزم في 27 من العمر، يمني من مواليد السعودية، أعزب، من أسرة محدودة الدخل، خريج هندسة ميكانيكية منذ 2013م ولم أحصل على وظيفة إلى الآن، إلا أني عملت في أعمال موسمية في محال تجارية كعامل.

مدخل إلى المشكلة: دخلت تخصص هندسة مكانيكية طمعا في المال بعد التخرج من خلال بحثي عن الوظيفة، ولكن صدمت بطبيعة الوظيفة وأنها عبارة عن عملية إشراف وقيادة الفنيين في العمل، فلا يوجد علاقة بين الدراسة والعمل، فالدراسة كانت عبارة عن تحليل وتصميم الآلات الميكانيكية.

المشكلة: أنا شخص عقلاني؛ أميل للتنظير، ومهووس بالسياسة والفكر بشكل عام، انطوائي، ولا أجيد التعامل مع الناس فما بالك بالقيادة والإشراف، من جانب آخر: هناك ضغط من أهلي؛ لكي أبدأ حياتي العملية وأتزوج.

اقتراحاتي للمشكلة:

1- أصبر وأعمل في مجالي (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا).

2- أصبر وأعمل في مجالي مع الاطلاع كلما سنحت فرصة للقراءة والبحث، وتوعية الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

3- أعمل وأدرس انتساب في أحد العلوم النظرية؛ كالاقتصاد، أو السياسة، أو القانون، أو الشريعة، أو إعلام ...

4- أبحث عمن يتبناني (شركة, مؤسسة, فرد) بحيث أدرس، ثم أعمل عنده.

المطلوب من سعادتكم: إسداء النصح لابنكم؛ لكي يخدم دينه وأمته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لك الخير عاجلا.

وبخصوص ما تفضلت به فإننا ننصحك بما يلي:

أولا: إننا نحمد الله على تدينك، وهذا أمر يريحك ويريحنا؛ لأنك تعلم أن الأمور كلها بيد الله، والله جل وعز كتب كل شيء على ابن آدم قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

ثانيا: لا يخفى عليك أن كثيرا من شبابنا -للأسف الشديد- لا يعملون وفق ما تعلموه؛ نظرا لعدة عوامل اجتماعية وثقافية، وليس المجال هنا ذكرها والحديث عنها.

ثالثا: إننا ننصحك -أخي الحبيب- بما يلي:

1- البحث الجاد عن عمل يتناسب وما تعلمته، على أن يتقيد هذا بوقت معين؛ حتى لا تضيع منك الفرص القائمة.

2- استشارة أهل العلم وأهل التخصص عن إمكانية الحصول على عمل يناسبك، فإن أخبروك باستحالة ذلك أو صعوبته في الوقت الراهن فاقبل هذا العمل، على ألا تبتعد كثيرا عن ما تعلمته، وألا تكف عن البحث في وقت فراغك، وتكليف من يبحث لك من أهل العلم والخبرة.

3- إذا تعارض عمل تحبه مع عمل لا تحبه لكن الأخير أعلى راتبا فاعمل ما تتقنه وما تعلمته -وإن كان الراتب أقل-؛ لأنك ساعتها ستتقدم وتستفيد.

4- إذا لم يكن إلا هذا العمل الذي أتاك فاقبله، على ألا تتوقف عن إيجاد البديل ما دام الحصول عليه في دائرة الممكن.

5- العرب تقول: إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون، ونعني أنك إن لم تجد إلا هذا العمل، ولم يكن في الإمكان في الوقت الحاضر غيره، فأحب ما عملت به حتى تتأقلم مع الواقع الذي تعيش فيه، والذي سبق وأن ذكرنا أن الأمور بقدر الله تسير، وأن لله حكمة في كل أمر علمه من علمه وجهله من جهله، وقد تغيب الحكمة اليوم وتظهر غدا، والواجب على العبد التسليم بعد استفراغ الجهد أخي الحبيب، وتذكر ساعتها قول الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكانت خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكانت خيرا له) هكذا المؤمن كل حياته شكر وصبر، وهو في كل أحواله راض دائما بقسمة الله له دون سخط عليه.

خلاصة الأمر: إن كان العمل وفق ما تعلمت في دائرة الممكن؛ فعليك البحث عنه، ولكن وقت الأمر بوقت لا يخل بالعمل الذي رزقك الله إياه.

رابعا: لا ننصحك بالبحث عن كلية للالتحاق بها في الوقت الحاضر ما دمت لم تجد عملا، ويمكنك إن علمت، قطعا التعليم سيفتح لك آفاقا أرحب أن تجمع بين عملك وبين دراستك، والله سيعينك إن شاء.

خامسا: بالنسبة لضعف العلاقات الاجتماعية فالأمر فيها ميسور -إن شاء الله-؛ لأن العلاقات الاجتماعية بعضها فطري، وأكثرها مكتسب، وهذا ما يجعل الأمر ميسورا، ولكن يصعب السير قدما في الصفات المكتسبة قبل الاجتهاد في إزالة العوائق التي تحول بينك وبين إنشاء علاقات اجتماعية، وحتى نسهل الأمر عليك سنضرب لك عددا من الأسباب وأنت انظر هل مررت بأحد منها أو شبيه لها؟، وإذا وجدت فعليك فورا الاجتهاد في إزالة تلك العوائق، من هذه الأمثلة:

- الضغوطات والمسؤوليات والضروريات التي تجعل أوقات البيت مضطربة، وتفرض على من في البيت وخاصة الوالدين أعباء جسيمة.

- التنشئة الاجتماعية السلبية التي تجعل كل واحد مسؤول فقط عن نفسه.
- تفاوت الأعمار في البيت الواحد؛ مما يصعب التواصل مع بعضهم.
- كثرة المشاكل التي تؤدي إلى النفرة.
- قوة العلاقات الاجتماعية خارج البيت؛ مما يضعف الحاجة إليه داخل البيت.
- قلة الأوقات التي يتواجد فيها أهل البيت.
- غياب الروح الجماعية في تدبير الحياة الأسرية.

هذه بعض الأسباب، وقد يكون هناك غيرها في بيئتك، والمهم هنا أننا فتحنا لك بابا من التفكير.

سادسا: عند معرفة الأسباب عليك العمل على التقليل منها أو الاجتهاد في إزالتها، مع العلم أن الإزالة التامة قد تكون صعبة أو مستحيلة، وساعتها عليك التقليل من آثارها.

سابعا: عليك بعد ذلك أن تبدأ الخطوة الأولى، ابدأ بنفسك حتى تصنع مجتمعا متواصلا، شارك إخوانك فرحة تفوقهم، بارك لهم في إنجاز مهامهم، أسأل عنهم وعن أحوالهم، اجتهد في أن تشعرهم أنك تسر لسرورهم وتحزن لحزنهم. مثل هذه الأمور ستكون نواة لتواصل اجتماعي بناء.

ثامنا: استعن بالأحاديث التي تتحدث عن صلة الأرحام، واجعل منها متكئا تتكئ عليه عند الحديث عن ضعف التواصل.

تاسعا: لا بأس أن تشرك والديك معك في هذا الأمر، فهما أحرص الناس عليكم وأحن، وسيتعاونون معك بصورة كبيرة.

وأخيرا: اعلم أن الفشل طريق النجاح، وأن دخولك هذا المعترك سيكسر حتما هذا الحاجز، وسيفرض عليك بل وسيسرع عملية التواصل مع الناس، استعن بالله ولا تعجز، ولا تفعل أمرا دون أن تستشير أهل التخصص، وتستخير الله عز وجل، نسأل الله أن يحفظكم وأن يرعاكم.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات