السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة مشكلتي أعلم أننا لا نملك فيها شيئا، وأعلم أنها أفكار غريبة وليست أول مخاوفي، لكن لعلي أجد من يخفف عني، في هذا الزمن صرت أخاف كثيرا من الغد، وصار يؤرقني ويعيق حياتي، فأنا لم أعد أفرح بل صار الحزن يكسر فؤادي، أخاف من هذا الزمن كثيرا، وأخشى الحروب والفتن، فقد قرأت عن علامات الساعة الصغرى، فهي قد تكون ملامحها تشبه ملامح زماننا، ففي الأحاديث أن من العلامات الصغرى فتنة الأحلاس، وهي حرب وهرب -كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم-، وفتنة الدهماء، وهي لا تدع وجها إلا لطمته، ومن الفتن الصغرى أن يهزم المسلمون ويحاصرون في مدينة، وغيرها الكثير فيها السيء وفيها الجيد.
أنا فتاة أخاف كثيرا رغم مرضي الذي لا أعرف أسبابه، وتعبي ومقاومتي له، ودعواتي لله، لكن أحيانا أصاب بالذعر الشديد لمجرد التفكير أن سيحدث لنا ما يحدث للمسلمين في كافة الأماكن أسأل الله أن يفرج عنهم-، أقول في نفسي لسنا أفضل منهم، أخشى أن نرى الفتن.
أصبحت كئيبة ولا أفرح للغد، وليس لدي طاقة، وأنا عندما أسمع أشياء مخيفة في السياسة، تزداد ضربات قلبي ويأتيني ألم شديد، يكاد قلبي أن يتوقف منه، أريد أن أكون قوية، وأخشى أن يحدث لقلبي شيئا إذا صار أي مكروه، ماذا أعمل لتهدئة نفسي؟ والله إنني تعبت رغم أنني مؤمنة بالقدر، وأعلم أنه في علم الغيب، وأقول في نفسي عيشي اللحظة ودعي الغد، لكن المخاوف لا ترحل من قلبي، حتى أنني أخشى القبر والموت، وأخاف لدرجة الجنون، أحيانا مجرد التفكير فيه يجعلني أصاب بالذعر، رغم أنني أعرف أنه لا مفر، وأن الله رحيم، لكن أخشى من ذنوبنا وحسابنا وطول مكوثنا، ومن المجهول، ماذا عساي أن أعمل، أريد أن أتفاءل بأي شيء، تعبت من خوفي الشديد من المجهول، وأخشى أن يتوقف قلبي من أصغر المواقف، هل هناك حل يجعلني أتماسك في أوقات الله بها أعلم، أرجوكم أجيبوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.
لا يخفى -على ابنتنا الفاضلة- أن زيادة الإيمان حماية ومناعة من المخاوف، ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ولا يمكن للإنسان أن يفوز بالأمن الكامل إلا في ظلال العقيدة الحقة، قال تعالى:" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أؤلئك لهم الأمن وهم مهتدون".
وإذا امتلأ القلب إيمانا ويقينا فإن الإنسان يمكن أن يطمئن ويسعد وينام رغم وجود الصعاب، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
والمؤمنة لا تهتم وتغتم للمستقبل لأنها توقن أنه بيد الله وحده، فلا تحاولي عبور الجسر قبل الوصول إليه، وهي لا تحزن على ما مضى، لأن البكاء على لبن مسكوب لا يرده أو يعيده، فعيشي اللحظة التي أنت فيها بسعادة وإقبال على الله، وثقي بأن الخير في ما يقدره القدير.
وكلنا يعلم أن الهموم والأحزان لا تحل المشكلة، لكنها تجلب الأمراض وتعقد الأزمات والتقلبات والحروب مما كسبت أيدي الناس ويعفوا ربنا عن الكثير.
وإذا نزل البلاء فإن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أصناف:
الأول: صنف كان على المعاصي والغفلات فردهم البلاء ورجعوا وتضرعوا وفهموا الدرس.
الثاني: صنف كان على الخير والطاعات، ارتفع بصبره على البلاء، ونال درجات ومنازل لا تنال إلا بالصبر على البلاء.
الثالث: صنف كان على العناد والشر والغفلة، ولم يفهم الدرس، فاستمر في العصيان حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، فلم تنفعه الندامة ولم يجد شافعا "أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون".
فافهمي فقه البلاء وتوجهي إلى رب الأرض والسماء، واحتسبي الأجر على الفرح والأنين، وانتظري الثواب على حب المؤمنين، وأملي ما يسرك وتفاءلي، فإن الكون ملك لرب العالمين الرحمن الرحيم، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.