السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما سؤالي ومع شديد الأسف، فإن زوجتي تناولت قرصا واحدا من دواء فينوباربيتال 15 ملغم الذي وصفته لها الطبيبة النسائية المختصة برعاية الحوامل، وبدون سبب منطقي، وبحجة أنه يساعدها على النوم ليلا.
مع العلم أن زوجتي ليس لديها اضطراب في النوم، وقد أكملت زوجتي الأسبوع العاشر من الحمل، وهي وجنينها بصحة جيدة -الحمد لله- غير أني حصلت من خلال اطلاعي المستفيض على معلومات مؤكدة بأن هذا الدواء يسبب تشوهات خلقية للجنين، وهو من الأدوية الممنوع إعطاؤها للمرأة الحامل، خصوصا في الأشهر الأولى من الحمل.
فما احتمالية إصابة طفلي بتشوهات؟ وهل الإجهاض حل مناسب إن كانت المخاطر عظيمة أم هنالك حل آخر؟
أغيثوني يرحمكم الله، فقلقي على طفلي قد حطم لي قلبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأتفهم خوفك وقلقك على الحمل - أيها الأخ الفاضل - والحقيقة هي أن الطبيبة قد أخطأت في إعطاء زوجتك دواء هي ليست بحاجة له, وقد يكون هنالك سوء فهم أو خطأ ما من مصدر آخر غير الطبيبة؛ لذلك فمن الأفضل التحدث مع الطبيبة ومعرفة السبب الذي من أجله قامت بكتابة هذا الدواء لزوجتك, وليس الهدف من ذلك هو إثارة أي مشكلة معها, بل الهدف هو تدارك أي خطأ آخر قد يحدث مستقبلا -لا قدر الله- وقد يكون في ذلك تذكير الطبيبة إلى أن هذا الدواء لا يعطى إلا في حالات الضرورة القصوى, فقد لا تكون على علم بهذه المعلومة أو قد تكون كتبته سهوا, وجل من لا يسهو.
على كل حال أحب أن أهدئ من روعك وأطمئنك فأقول لك: على الرغم من أن (الفينوباربيتال ) مصنف في الحمل من قبل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على أنه من الدرجة -D- وهذا معناه بأن هنالك بعض المعطيات التي تقول بحدوث بعض التشوهات في أجنة الإنسان في حال تم استخدامه من قبل السيدة الحامل, إلا أن هنالك بعض الدراسات الحديثة التي تشكك في صحة هذا التصنيف, وترى بأنه يجب أن يتغير, وبأن هذا الدواء لا يزيد من نسبة التشوهات في الجنين.
وعندما يقال بأن هذا الدواء قد يسبب تشوهات في الجنين, فهذا لا يعني بأن نسبة حدوث التشوهات ستكون عالية, بل يعني بأن النسبة سترتفع أكثر من النسبة المقبولة لأي دواء مسموح به.
وفي حال تناول السيدة الحامل لحبة واحدة فقط من أي دواء, حتى لو كان ضارا وغير مسموح به في الحمل, فمن المستبعد جدا أن تحدث هذه الحبة تشوهات في الجنين, فحتى يتمكن الدواء من الوصول إلى دم الجنين, ومن أحداث تشوهات في أعضائه, فيجب أن يصل تركيزه إلى حد معين في الدم, وهذا يعني بأنه يجب أن يتم تناوله بجرعات متكررة أو لعدة أيام.
لذلك ومن الناحية الطبية أؤكد لك- أيها الفاضل- على أن الحالة عند زوجتك لا تستدعي الإجهاض, ولا يجوز التفكير به, فحتى لو كان الدواء ممنوعا في الحمل إلا أنه من الممكن استعماله عندما تستدعي الحاجة الماسة له, كأن لا يكون له بديل أو أن تكون الحالة إسعافيه, وحتى بعض العلاجات الكيماوية الممنوعة يمكن إعطاؤها للحامل إذا كانت مصابة بالسرطان -لا قدر الله- من دون عمل الإجهاض, فكما سبق وذكرت ليس معنى أن الدواء ممنوع في الحمل بأنه سيؤدي حتما إلى حدوث تشوهات.
إذا أيها الأخ الفاضل لا داعي لكل هذا الخوف والقلق, ولا داعي للتفكير بالإجهاض؛ فزوجتك لم تتناول إلا حبة واحدة, وهذه كمية بسيطة جدا لن تكون كافية للوصول إلى دم الجنين وإحداث تشوهات -لا قدر الله-.
في النهاية يجب أن ألفت الانتباه إلى أنه حتى في الحمل الذي لا يتم تناول أي أدوية على الإطلاق، فإن نسبة حدوث التشوهات الخلقية في الجنين, لا يمكن أن تكون صفرا, بل هي في حدود 3-4 % تقريبا, وهذا في أحسن الظروف, أي أن هنالك دوما نسبة لحدوث تشوهات خلقية, حتى لو لم تتناول السيدة أي شيء ضار خلال حملها, وهذه النسبة هي نسبة شبه ثابتة في كل أنحاء العالم, وفي أكثر البلدان تطورا, ولا يمكن لغاية الآن منع هذه النسبة من الحدوث ولا الوقاية منها.
نسأل الله عز وجل أن يرزقك بالذرية الصالحة والمعافاة.