السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما أن الوقت نعمة من نعم الله فإن له بركة، ما هي أسباب زوال هذه البركة؟ وما أسباب جلب البركة له وكيف أحافظ عليها؟
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا الموقع والعمل في ميزان حسناتكم، ولكم الشكر والتقدير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما أن الوقت نعمة من نعم الله فإن له بركة، ما هي أسباب زوال هذه البركة؟ وما أسباب جلب البركة له وكيف أحافظ عليها؟
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا الموقع والعمل في ميزان حسناتكم، ولكم الشكر والتقدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك، وبخصوص ما تفضلت عنه -أخي الحبيب- فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: إن العمر -ونصابه الزمن- هو مناط المحاسبة والمسألة يوم القيامة، وهو تفسير للآية الكريمة: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}
ثانيا: اعلم -بارك الله- أن أشد ما يمحق البركة هي المعاصي، وقد فصل الإمام ابن القيم في ذلك، وعدد فعل المعاصي في محق البركة من كل شيء على كافة المستويات وأهمها: محق بركة العلم: العلم نور يقذفه الله في القلب, والمعصية تطفيء ذلك النور. ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه؛ أعجبه ما رأى من وفور فطنته, وتوقد ذكائه, وكمال فهمه, فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا؛ فلا تطفئه بظلمة المعصية، قال الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقـال اعلـم بأن الـعـلـم نـــور ** ونور الله لا يـؤتـاه عـاصـي
ثالثا: من أسباب زوال بركة الوقت عدم معرفة أهميته؛ لأن الإنسان إذا عرف قيمة شيء حافظ عليه، فاستجلب بذلك بركة الله له، ومن أجمل ما قاله ابن الجوزي -رحمه الله- في ذلك: (ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل).
ولقد عني القرآن والسنة بالوقت من نواح شتى، وبصور عديدة، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة بأجزاء منه مثل الليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر، كما في قوله تعالى: {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى}، {والفجر وليال عشر}، {والضحى والليل ..}، {والعصر إن الإنسان لفي خسر}. ومعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه دل ذلك على أهميته وعظمته، وليلفت الأنظار إليه وينبه على جليل منفعته.
وجاءت السنة لتؤكد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرر أن الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة، فعن معاذ بن جبل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه) [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ]. وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه، ولا بد للعبد من شكر النعمة وإلا سلبت وذهبت. وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، يقول عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ).
رابعا: أما الأسباب الجالبة للبركة فأهمها ما يلي:
1- التخلص من الآثار الماضية.
2- تقوى الله عز وجل قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون}.
وأما كيفية الثبات على ذلك فيكمن فيما يلي:
1- القراءة المتأنية لسير السلف الصالح وهمتهم في الاستفادة من الأوقات.
2- الصحبة الصالحة.
3- كثرة شكر الله عز وجل؛ لأن الشكر يقيد النعم قال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
وفي الختام نوصيك -أخي- بقراءة كتاب قيمة الزمن عند العلماء للشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه والله الموفق.