تعرفت على فتاة وأحببتها وأريد الارتباط بها وأهلي لن يوافقوا فماذا أعمل؟

0 406

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا موضوعي محير قليلا، ولا أعرف إن كان تصرفي صحيحا، ولا أعرف ماذا أفعل؟

البداية: في مكان عملي في مصر تعرفت على زميلة لنا في العمل، وكانت العلاقة عادية جدا، شغل فقط، لا أكثر من السلام عليكم والشغل وعليكم السلام، وهي كانت مرتبطة وانفصلت، ثم ارتبطت مرة ثانية، وأنا أعرف هذا، والناس كلهم يعرفون.

لكن بعيدا عن الشغل كنت قد أنشأت صفحة خاصة بمدينتي، وهي من نفس المدينة، فبدأت تشارك فيها، وبدأنا نقاشا في كل شيء أمام الجميع، وفي البداية لم أكن أعرف أنها هي، وهي كانت تعلم ذلك، ثم علمت بعدها بفترة ولكني أظهرت عدم معرفتي بأنها هي من تناقشني.

ذات مرة أصرت على أن أعرفها، وصارت منذ تلك اللحظة علاقتنا أكثر من الأول، تعرفت على والدها وأخيها الكبير، ووالدتها، وأيضا خطيبها، وهم عرفوني، يعني الأمر لم يكن فيه شيء، كانت تستشيرني في كل شيء خاص بها وأنا كذلك، ثم حدث ظرف قهري أدى لفسخ خطبتها بخطيبها.

بعد فترة أخبرتني برغبتها في الارتباط بي، رفضت في البداية، ثم بعد تكرار المحاولة؛ قلت لها شروطي ورغباتي في من أرتبط بها؛ فوافقت عليها جميعا، وكان من بينها تركها العمل؛ لأني لا أقبل بعمل زوجتي.

أنا -بداية- لم أكن مقتنعا بها، ولكني أكملت وأخذت التجربة، وتطورت العلاقة إلى أن صارت حبا متبادلا، وقبل أن ينتهي الشهر الذي صارحتني فيه برغبتها كنت قد أخبرت والدتي: بأن هناك فتاة، وأريد الارتباط بها إن نالت رضاك ورضا العائلة.

أخذنا الأمور الطبيعية في السؤال عنها وعن أهلها، وللأسف هناك من تدخل بالخير والعكس؛ فرفضت والدتي بعد أن أبدت موافقة مبدئية، وكان الموضوع بالنسبة لي قد انتهى، ولكن هي رفضت أن تنهي الموضوع، وقالت: سنحاول مرة ثانية وثالثة، وحاولت كثيرا وأصرت أنها ستكمل لدرجة أنها ذهبت لواحد من أهلي وكلمته، وهذا صعب جدا على البنت، ولكن فعلت لرغبتها الشديدة في الارتباط بي.

أنا لم أستطع أن أقول لأمي أو لأهلي: أنني أحبها، وكنت أخاف أن أخالفهم الرأي، ثم بعد ذلك لا أستريح معها، وأندم على أنني أغضبتهم، وخاصة عندما رفضت والدتي، أنا انزعجت؛ فتعبت ودخلت العناية المركزة.

صارت العلاقة بعد كل هذه الفترة جيدة، وفترة شد وجذب، واستمرت لسنة ونصف، ثم قررت أن أسافر؛ لأبعد عنها وأعطيها فرصة لترتبط، ولكن هي بعد 4 شهور حاولت الوصول إلي، وأنا عند ذلك لم أستطع أن أقاوم، وعرفتها برقمي، وتواصلنا فترة، وقسيت عليها جدا، وخذلتها كثيرا، ولكن في النهاية أبدت رغبتها في الارتباط وإكمال حياتها بعد إصرار مني ومن الأصدقاء.

ولكن المفاجأة أنني أنا الذي تعبت، ولا أريدها أن تذهب مع غيري، وفي نفس الوقت غير قادر أن أتكلم مع أهلي وأخبرهم.

باختصار: أنا غير مستريح، وندمان جدا، ولكن ما الحل؟ وماذا أعمل؟ أهلي لن يوافقوا، ولو وافقوا فسيوافقون على مضض، وأنا محتاج إليها، أرجوكم أفيدوني.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وبخصوص ما تفضلت بالحديث عنه، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا : نحن نستشعر تماما معاناتك وشعورك الذي يحمل صراعا من نوع خاص، صراع بين رغبة تفرض نفسها عليك حتى اختلط عندك شعور الرغبة فيها مع شعور الشفقة عليها، وهذا أمر متفهم تماما لدينا.

ولكنا نحب أن نطمئنك؛ حتى لا تحمل الأمر فوق طاقتك وقدرتك، اعلم أنه لن يكون إلا ما قدر الله وقضى، فلا تقلق ولا تجزع، بل أمل في الله خيرا، واعلم أن الأمور تجري بقدره، وكيف يخاف أو يحزن أو يقلق أو يضطرب من يعلم أن الله كتب عليه كل شيء، وأن الله قد فرغ من كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل وقبل ذلك بخمسين ألف سنة، إذا آمنت بذلك واقتنعت تماما به؛ علمت قطعا أن خوفك وقلقك ليس في محله؛ فقد رفعت الأقلام، وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سبحانه وتعالى.

ثانيا: يطمئنك كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، نعم، ما قدره الله خير مما أردته لنفسك مما لم يقدره الله لك، واعلم أن القرآن قد بين لنا أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}. فكن على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.

ثالثا: الصراع الذي بداخلك نخشى أن الدافع إليه الشفقة عليها، مع شعورك بالتقصير في حقها، والبيوت -أخي الحبيب- لا تقام على مثل هذه العواطف الانفعالية.

رابعا: إننا نريد منك أن تجدد المحاولة، وأن تناقش الأمر معهم، وكن على ثقة أن أحدا لن يحبك كأبويك، هما فقط من يحبون بلا ثمن، يحبون بلا مقابل، يتمنيان لك الخير وإن كان على حساب سعادتهما، هذا أمر فطري قد فطره الله عليهما، لا يملكان من الأمر شيئا، فاجلس -حفظك الله- إلى والديك، واسمع منهما جملة الاعتراضات عليها، ولا تجيب على أي اعتراض حتى تفكر فيه بعيدا عن العواطف الانفعالية، فلا يخفاك أن للسن دورا وعاملا، وأن عقلك مهما بلغ تمامه فعامل الخبرة ليس قائما عندك، ولم تحط بكل شيء علما، فاستمع إلى جملة الاعتراضات، وإن رأيت أن خللا حدث، أو أمرا فهم على غير مراده؛ يمكنك تجلية الأمر وتوضيحه لهم.

خامسا : إذا وجدت أن الأسباب غير مقنعة، أو لم تستطع أن تحاور والديك، وترى أن الدافع الحقيقي في الرغبة هو الدين والخلق؛ فيمكنك الاستعانة بأحد العقلاء من أهلك أو شيخ مسجد؛ حتى يقرب بين وجهتي النظر.

سادسا: إننا ننصحك -أخي- أن تهرع إلى الاستخارة، فقد علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن نفزع إليها عند إرادة فعل ما، وهذه سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنا نشير عليك بها، فما ندم من استخار، وقد كان جابر -رضي الله عنه- يقول: (كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك, وأستقدرك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر, وتعلم ولا أعلم, وأنت علام الغيوب, اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله, فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه, اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك ) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله, فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به. ويسمي حاجته)، لذا نريد منك ابتداء الصلاة.

سابعا: تسليم الأمر لله، وثق أن الله سيقدر لك الخير، ولا تقلق ولا تحزن على شيء -إن قدر الله الزواج فاعلم أن هذا خير، وإن لم يقدره الله فثق أن تقدير الله هو الخير- ولعل الله يدخر لك من هي أفضل لك منها وأحسن.

وأخيرا: عليك بالدعاء أن يوفقك الله لخير الأمور، وأن يختار لك الخير، وأن يرضيك به، واعلم أن العبد ضعيف بنفسه قوي بربه، وأن الله قريب مجيب الدعاء، وأن الدعاء سهم صائب لا يخيب طالبه، فلا تيأس وعلى الله توكل، وتحت أي ظروف لا تخسر أهلك، ولا تفعل ما يغضبهم منك -أخي الحبيب- فلن يكون إلا ما قدر الله.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات