السؤال
السلام عليكم.
تعرضت لظلم من أشخاص، وما زالوا مستمرين، ما الحل؟ ولا أستطيع دفع ظلمهم، ولا أستطيع نصحهم، لأنهم أطراف كثيرة، وللأسف إن قلت إنهم مسلمون، لكن بلا أخلاق.
الله المستعان.
السلام عليكم.
تعرضت لظلم من أشخاص، وما زالوا مستمرين، ما الحل؟ ولا أستطيع دفع ظلمهم، ولا أستطيع نصحهم، لأنهم أطراف كثيرة، وللأسف إن قلت إنهم مسلمون، لكن بلا أخلاق.
الله المستعان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد عنك كيد الكائدين واعتداء المعتدين وظلم الظالمين، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن الظلم ظلمات، أن الظلم عاقبته وخيمة، وأن الظلم خاصة إذا كان ممن يثق بهم الإنسان وممن يحبهم أو ممن يتعامل معهم بصفة دائمة يكون أشد مرارة على النفس، كظلم الأهل والأقارب والأرحام والجيران، والأصدقاء والأصحاب.
هذا ظلم يكون حقيقة مؤلما، لأن الإنسان ما كان يتوقع أن يظلمه هؤلاء، بل كان يتمنى أن تكون العلاقة طبيعية كعلاقة الأصدقاء مع بعضهم بعضا، أو علاقته مع ذوي القربى من الأرحام وغيرهم، ولكن عندما يأتي الظلم من أطراف كهذه يكون أشد مرارة، وإن جاء من غيرهم فهو مما لا شك فيه أمر أيضا يقهر الإنسان.
لذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم)، وكان من دعائه أيضا: (وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). وقهر الرجال للرجال وقهر النساء للنساء، وكذلك قد يكون هناك قهر من الرجال للنساء، والعكس.
لذا أقول: هذا مما لا شك فيه أمر عظيم، وكان الله في عونك، ولكن الله تبارك وتعالى جعل هناك وسائل لرد هذا الظلم عن النفس، من هذه الوسائل: اللجوء إلى جهات ذات اختصاص، فإذا كان الأمر أمرا عاما فلقد نصب الله تبارك وتعالى ولاة لأمور المسلمين ليحكموا بين الناس بالقسط، ومن حقك أن تتقدمي إلى الجهات ذات الاختصاص، سواء كانت الشرطة أو القضاء لأخذ حقك ممن ظلمك، إذا كانت هذه الحقوق مما يمكن أخذه، فهذا أمر أول.
الأمر الثاني: إذا لم يكن من المقدور التوجه لجهات الاختصاص فعلى الأقل إلى ذوي الوجاهة من المقربين من هؤلاء الظلمة، يعني إذا كان ظلم أخ أو أخت ألجأ إلى الوالد أو الوالدة، كذلك إذا كان فيما يتعلق بالأقارب كالعم أو الخال أو العمة أو الخالة وغير ذلك، لأن الأب والأم هما الملاذ بعد الله تبارك وتعالى بالنسبة لأولادهم.
كذلك إذا كان الظلم من إخوة أو موظفين يعملون معي ألجأ إلى المدير المباشر أو المسؤول المباشر، أتكلم معه في رفع الظلم ودفعه عني، هذا مطلوب، لأن الله تبارك وتعالى أخبرنا: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}، كون الإنسان يدفع الظلم عن نفسه هذا مطلوب، ولذلك أقول:
إذا كان الظلم من جهات من الممكن حقيقة أن نرفع دعوى ضدها وأن نشكوها فلا مانع من ذلك، بل إن ذلك أمر شرعي، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يضيع نفسه أو حقه ما دام قادرا على أخذه إذا كانت هناك نية لأخذه، أما إذا أراد أن يعفو ويصفح فهذا أمر آخر وله باب آخر.
أقول: إذا كان الظلم من هذا الباب الذي ذكرت فنلجأ إلى الجهات ذات الاختصاص، أما إذا كان الظلم من النوع الذي لا يمكن شكواه لأحد أو بثه لأحد أو الكلام فيه مع جهات ذات علاقة، فليس هناك إلا الدعاء بالهداية لهم إذا كانوا قريبين منا، وأن يردهم الله تبارك وتعالى عن ظلمهم وعن غيهم، وأن يبصرهم بالحق، أو يجوز لي أن أدعو عليهم، لأن الدعاء على الظالم جائز شرعا، ولقد دعا الأنبياء والمرسلون على من ظلمهم كما دعا موسى عليه السلام وكما دعا النبي المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم-، هذا أيضا أمر.
إذا لم يتيسر لنا ذلك فليس لنا إلا الصبر الجميل، عسى الله تبارك وتعالى أن يدخلنا في مقام الصابرين، ومع الأسف مسألة أن هؤلاء من المسلمين هذا وارد، لأن قلة الفهم للدين أو سوء الفهم للدين أو سوء التربية يترتب عليه وقوع ظلمات عظيمة جدا من المسلم على أخيه المسلم، ولا تنسي أن الذي قتل أخاه من أبناء آدم كان من المسلمين وكان من أبناء الأنبياء، فكونهم من المسلمين لا يمنع من وقوعهم في مثل هذا، ولكن مما لا شك فيه أن التزامهم إذا كانوا صادقين سيحول بينهم وبين ذلك.
هذا وبالله التوفيق.