السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على مجهودكم الرائع، وجعله الله في موازين حسناتكم.
أنا طالبة جامعية، أعاني من الخجل في بعض الأوقات، وأكره نفسي وأعاتبها لماذا أخجل؟ لماذا لست كما الذين حولي جريئين واجتماعيين؟ عندما كنت طفلة كنت جريئة ومشاغبة، وأحب نفسي كثيرا، إلى أن وصلت مرحلة الثانوية وتغيرت شخصيتي كثيرا، أصبحت عصبية، وتفكيري أصبح سيئا في الناس، وإخوتي دائما يعايرونني، وعندما نلتقي بالآخرين لا أتكلم، فأنا لا أستطيع أن أعبر بالشكل الصحيح، في السابق كنت أكثر من يتكلم في اللقاءات الأسرية، أما الآن فلا شيء، حتى إنني بعض الأحيان أشك أنني مريضة مرضا نفسيا!!
أشتاق لشخصيتي القديمة، أريد أن أطور من نفسي، حتى عندما أضحك بعض الأحيان يصيبني الخجل، وعندما يعايرونني وهم يمزحون معي أخجل، كرهت الحياة، ودائما أقول لماذا لم أصبح مثل هؤلاء الأشخاص؟ شخصيات قوية وجريئة وممتعة.
هناك شيء آخر، عندما تشرح الدكتورة في القاعة الدراسية لا أستطيع التركيز أبدا، دائما كنت أفكر في غباء الأشياء، وأصبحت بطيئة الاستيعاب وكثيرة النسيان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاتن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت لست مريضة، كل الذي بك هو نوع من قلق المخاوف البسيط، مع سوء في تقدير الذات، وهذه ظواهر نفسية أكثر مما هي أمراض نفسية، فعملية الخجل وعدم الارتياح في المواقف الاجتماعية وكذلك عدم التركيز في قاعة الدرس، هذا دليل على وجود درجة بسيطة من الخوف والقلق الاجتماعي.
الشيء الإيجابي جدا هو انك تطرحين أسئلة دائمة على نفسك (لماذا أنت هكذا؟ لماذا لا تكونين مثل الآخرين؟ لماذا لا تقتحمين فكرة الخوف الاجتماعي؟) وهذا أمر جيد جدا، لكن في ذات الوقت عليك بالتطبيق، لا تتجنبي المواقف الاجتماعية، التجنب يؤازر الخوف ويزيد منه للدرجة التي قد تعيق الإنسان، لكن الشخص الذي يقتحم ويتفاعل ويصر على أن يقوم بما هو ضد رغبته فيما يخص التواصل الاجتماعي، هذا يستفيد كثيرا.
أيتها الفاضلة الكريمة: اجلسي في الصفوف الأولى في قاعة الدراسة، وطوري مهارة التفاعل مع الناس، وأولها: تنظرين إلى الناس في وجوههم عندما تسلمين عليهم، وأن تطرحي مواضيع، لا تكوني مستمعة فقط، تجنبي استعمال لغة اليدين بقدر المستطاع، هذا مهم ومهم جدا.
تنمية النفس وتطويرها لا يتم من خلال قراءة الكتب، هي إدراك وتطبيق وفعالية، يعني الإنسان يعرف أن تطور الذات مهم جدا، وأنه يكتسب من خلال الاطلاع ومن خلال المعرفة، وعدم تأجيل الأمور، وحسن إدارة الوقت، وأخذ القدوة الحسنة، وأن يكون لك مشروعا حياتيا، تضع الآليات التي توصلك إليه.
قطعا أنت لك آمال ولك تأملات والتخرج -إن شاء الله تعالى- بدرجة متميزة أمر هام، ربنا يرزقك الزوج الصالح -إن شاء الله تعالى- هذا كله خير وخير كثير -إن شاء الله تعالى- يأتيك، لا تقللي من شأن نفسك، كما أن الأخذ بالنماذج الحياتية مهم جدا، حاولي أن تتمثلي بقدوات في حياتنا، صحابيات، الشخصيات البارزة من النساء، وحتى في محيط مجتمعك، أنا متأكد أن هنالك حولك الكثير من المتميزات، وابني علاقات طيبة مع الصالحات من الفتيات.
من المهم جدا أيضا أن تكون لك فعالية داخل المنزل، الفعالية داخل المنزل والاهتمام بشؤون الأسرة والمشاركة هذا يطور الذات، وينمي الذات، ويعطي الثقة بالذات، لأنه يرفع من الكفاءة الاجتماعية للإنسان. فإذا هذا أيضا منهج يجب ألا تهمليه أبدا من أجل تطوير ذاتك.
ربما تحتاجين لدواء بسيط مزيل للخوف الاجتماعي، ويمكن أن تذهبي إلى طبيبة المركز الصحي لتقوم بإجراء فحوصات عامة، تتأكد من مستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12) ووظائف الغدة الدرقية ومستوى الدم، هذه الفحوصات الروتينية دائما مفيدة، لأنها تبني قاعدة طبية جيدة، تطمأن الإنسان، وفي ذات الوقت إذا كانت هنالك علة أو نواقص سوف يتم معالجتها وتعويضها، ومن ثم يمكن أن يتناول الإنسان العلاج الدوائي النفسي البسيط الذي يقرره الطبيب.
عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) ويسمى علميا باسم (باروكستين) سيكون جيدا بالنسبة لك، وهنالك نوع جيد من الزيروكسات يعرف بـ (CR) أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة جدا، وهي 12.5 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، أو يمكن أن يختار لك الطبيب أي دواء آخر مثل السبرالكس، أو الزولفت، كلها طيبة وجيدة وغير إدمانية ولا تؤثر على الهرمونات النسوية، وحاجتك هي في جرعة صغيرة فقط.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.