قرأت كثيراً عن الخشوع لكن دون فائدة..فما الحل؟

0 235

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أعرف أسباب الخشوع في الصلاة، أصبحت أشعر بأن صلاتي مجرد فرض يجب أن أقضيه، وليست عبادة يجب أن أستمتع وأخشع فيها، أصبحت عندما أذهب إلى صلاة أفكر في كل شيء.

قرأت كثيرا عن الخشوع، لكن بدون فائدة، فما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماريا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أولا: بخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-: فإنه مما لا شك فيه أن الخشوع هو روح الصلاة، فكما أن الجسد لا قيمة له بغير الروح، فكذلك الصلاة لا قيمة لها بغير الخشوع، ولذلك سؤالك عن أسباب الخشوع والعوامل التي تؤدي إليه، سؤال في مكانه وفي محله، وهذا يدل على أنك - ولله الحمد والمنة – قد من الله -تبارك وتعالى- عليك بقدر كبير من الوعي والحرص على طاعته -سبحانه وتعالى-، والاستفادة من هذه العبادات في إسعاد نفسك أيضا، لأن الصلاة عندما تكون ذات خشوع وخضوع فإنها تريح صاحبها فعلا، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أرحنا بها يا بلال)، وكان يقول أيضا (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، فمعنى ذلك أن الصلاة لها أثر فعلا في حياة المسلم المصلي، فكون الإنسان يصلي ولا يشعر بأن لها أثرا في حياته، أو لا يستمتع بها، معنى ذلك أن صلاته صورية أو شكلية، وليست هي الصلاة التي أرادها الله -تبارك وتعالى-، وطلب منا أداءها.

لذا أقول – يا بنيتي –: أول عامل من عوامل وأسباب الخشوع، أول شيء قبل أن تدخلي في الصلاة، قفي قليلا، واسألي نفسك: أنت الآن ستقفين بين يدي من؟ لا بد أن تستشعري هذا الأمر، فتكون الإجابة: بين يدي الله تعالى، ما الذي يلزمك لكي تقفي بين يدي الله تعالى؟ أن تكوني صافية الذهن، ولذلك حاولي أن تخرجي من رأسك كل الأمور التي كنت مشغولة بها قبل الدخول في الصلاة، قبل أن تدخلي في تكبيرة الإحرام، حاولي أن تقفي دقائق تفرغين الذاكرة التي عندك تماما، وأن تستشعري في داخل نفسك أنك ستقفين بين يدي الله تعالى، وأن الله يعلم ما في نفسك، وأن الله مطلع على سرك ونجواك، وأن الصلاة لا تصلح بغير هذا الخشوع، فحاولي.

ثانيا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يرزقك الخشوع، سواء كنت في داخل الصلاة أو خارج الصلاة.

ثالثا: حاولي أن تتدبري الآيات التي تقرئينها، بمعنى أنك عندما تقولين (بسم الله الرحمن الرحيم) تذكري من هو الله؟ الله -تبارك وتعالى- الذي أعطاك نعمة السمع، ونعمة البصر، ونعمة العقل، ونعمة الشم، ونعمة الذوق، ونعمة الحياة، هذا أمر يحرك عندك الإيمان. (الرحمن الرحيم) لماذا كرر (الرحمن الرحيم) ليدل على أن رحمته وسعت كل شيء، وأنه يرحمنا أكثر من آبائنا وأمهاتنا، وأنه يحب لنا الخير، وأنه لولا أنه يحبنا ما جعلنا مسلمين، ولولا أنه يحبنا ما أعاننا على الصلاة، وغير ذلك.

رابعا: عليك بالقراءة آية آية، لا تقرئي بسرعة، لأن القراءة بسرعة لا تجعلك تستمتعين بالقراءة، ولا القراءة المميتة التي تشعر بالملل والسآمة، فاقرئي الفاتحة آية آية، واقرئي السورة التي بعدها آية آية، كذلك في حالات التسبيح، سواء كان في الركوع أو في السجود، عليك بأن تسبحي أيضا تسبيحات مفرقة، وأن تجعليها تخرج من قلبك، تشعرين بأنها تخرج من قلبك، مع كمية هواء قوية، حتى تستطيع أن تحرك في نفسك هذه المشاعر.

خامسا: كذلك عليك بالدعاء وأنت تصلين: (اللهم ارزقني الخشوع في صلاتي) وأيضا: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إليك، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي، وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان، واجعلني من الراشدين، اللهم زيني بزينة الإيمان، واجعلني هادية مهتدية، اللهم اجعلني من عبادك الصالحين ومن أوليائك المقربين.

سادسا: كذلك أيضا سؤال الله -تبارك وتعالى- أن يرزقك حلاوة الإيمان، و-بإذن الله تعالى- بهذه الأمور ستكونين في وضع أحسن.

سابعا: كذلك أيضا عليك أن تتوضئي وضوءا جيدا، وأن تتوضئي قبل دخول وقت الصلاة، وأن تتذكري أنك ستقفين الآن بين يدي الله تعالى، فتتوضئين باطمئنان، وتتوضئين بهدوء، وكما ذكرت لك أهم شيء الاطمئنان، لأن الاطمئنان سيؤدي إلى الخشوع، وأن يكون الكلام يخرج من قلبك، ولا يخرج من لسانك فقط، يعني يلازم اللسان القلب، وأن تتصوري أن هذه قد تكون آخر صلاة، فينبغي أن تحسنيها، ولا بد أن تملئيها دعاء وتضرعا إلى الله تعالى، وسؤال الله -تبارك وتعالى- خيري الدنيا والآخرة، و-بإذن الله تعالى- ستجدين تحسنا أفضل مما أنت عليه، وواصلي أيضا قراءة المواقع أو الكتب التي تتكلم عن الخشوع في الصلاة، ككتاب الشيخ محمد المنجد (كتيب)، ولعله موجود على الإنترنت أيضا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد والصلاح والاستقامة، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات