السؤال
أشكركم كل الشكر على هذا الموقع الرائع الذي يخدم الناس ويطمئن قلوبهم -بعد الله- بالنصح والإرشاد وتقديم المشورة.
طالب جامعي، أدرس في الخارج، أشكو من أعراض منذ سنة تقريبا أو أكثر، حيث حدث لي أمر في الدراسة، أصبت بعده بأعراض كثيرة ومفاجئة من خفقان، وصداع، وآلام متعددة في الجسم، وتغيرت نفسيتي ونظرتي للحياة 180 درجة، ليس بسبب الموضوع الدراسي، بل بسبب هذه الأعراض التي اكتشفت بعد مدة أنها نفسية أو نوبات هلع، علما أني عملت رجيما قاسيا خسرت ما يقارب 50 كيلو في سنة ونصف، بعدها ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول بشتى الطرق ضبط نفسيتي، فيوما أنجح ويوما لا.
المشكلة الكبيرة التي تؤرقني وتزداد يوما بعد يوم، هي خفقان القلب الذي أشكو منه من حيث قوة النبض وليس السرعة، فهو ليس سريعا إلا عند المجهود، مثل الجري، وأشعر به في كافة جسدي باستمرار، وأستطيع رؤيته والإحساس به بشكل واضح جدا في الرأس والأذنين عند النوم، اليدين والرجلين، وخاصة في البطن والصدر، فهو يهز جسدي مع كل ضربة، ولا ينقطع أبدا على مدار اليوم، وعملت عدة فحوصات:
- تخطيط قلب 8 مرات.
- هولتر 24 ساعة.
- إيكو 4 مرات.
- فحص شامل للدم 3 مرات.
- فحص انزيمات الكبد، ووظائف الكلى والبول.
- فحص انزيمات القلب.
- أشعة سينية 4 مرات.
- منظار للمعدة.
- فحص الغدة الدرقية.
- فحص فيتامينات.
ولم يتبين شيء، فجميع الفحوصات طبيعية.
مؤخرا ومنذ أربعة أشهر بدأت تبرز لدي عروق في الكفين واليدين والأرجل، خاصة عند حرارة الجسم بشكل ملفت للنظر، وهي في ازدياد مع الوقت، وما لفت نظري أيضا ظهور شعيرات دموية زرقاء وحمراء كالشبكة في باطن الكف والكاحل، وجميعها لم تكن موجودة من قبل، علما أني أعاني من الربو منذ 8 سنوات، وأمارس الرياضة مرتين أو أكثر أسبوعيا، وأعاني من كثرة الكحة والبلغم الصباحي خاصة، وعلى مدار اليوم يكون لونه أخضر ومائل للبني بكثرة منذ سنوات، توقفت عن التدخين منذ أسبوع أو أكثر، وأرى بعض التحسن.
أعاني أيضا من طقطقة في العظام عند الحركة، وضعف شديد، وأصوات قوية في البطن بعد الأكل، وتعب دائم، ورعشة وتنميل في الأطراف، وخاصة اليدين، وضغط في الآذان، وضعف سمع، وألم أسفل عظام القفص الصدري من اليسار جهة القلب، خاصة عند أخذ نفس عميق، وبنفس الجهة من الظهر ومنتصف الظهر، ودوخة، علما أن الضغط يكون معتدلا أو يميل للانخفاض نوعا ما، لا أعلم ماذا أفعل؟ فأنا لا أتناول أدوية أبدا إلا لعلاج الربو.
أرجو منكم النظر في حالتي، وإعطائي الرشد والنصح؛ فأنا في حيرة وتعب نفسي وجسدي لا يعلمه إلا الله، وأنا على ثقة تامة بهذا الموقع بعد الله.
ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى هذا الوصف الجميل والمفصل والواضح لحالتك؛ مما ساعدني على أن أقول لك –وأنا على درجة عالية جدا من اليقين–: أنك تعاني من قلق المخاوف، كل الأعراض الجسدية التي ذكرتها، كل الأعراض التي في ظاهرها عضوية هي ناتجة من قلق المخاوف، لديك مخاوف، خاصة أن هذه المخاوف بدأت بنوبة هلع مما جعلك تكون شفوقا جدا حول وظائفك الجسدية، خاصة القلب، وأصبحت كثير المراقبة ودقيق المراقبة لوظائفك الجسدية، حتى إنك تراقب نبضات وانقباضات شرايينك السطحية، وأؤكد لك بأن هذه العلة معروفة وليست خطيرة.
إذا الخطوات العلاجية أن تقتنع بأن الحالة بسيطة، لأن الأعراض نفسوجسدية (سيكوسوماتية) سببها قلق المخاوف، لكن لا يوجد مرض عضوي.
ثانيا: تتوقف عن التردد على الأطباء، يكون لديك فقط فحص دوري مع الطبيب الذي تثق فيه مرة كل ستة أشهر.
ثالثا: أن تواصل حياتك الفعالية بصورة عادية جدا، وتكثف من نشاطك الرياضي بمعدل مرتين في الأسبوع، هذا أمر جميل.
رابعا: أنت الآن توقفت عن التدخين، وهذا أمر جميل وعظيم، فيجب أن تكافئ نفسك، أن تشجع نفسك، أن تحمس نفسك أن تكون إيجابيا.
خامسا: أن تحسن إدارة الوقت، ولا تترك أي مجال للفراغ، لا الفراغ الزمني، ولا الفراغ المكاني من حيث التواصل الاجتماعي، ولا الفراغ الفكري، من خلال القراءة والاطلاع، ومجالسة الصالحين، حضور المحاضرات المفيدة، وهكذا. هذا يعطيك مجالا كبيرا جدا لأن يصرف اهتمامك من وظائف جسدك التي تراقبها إلى ما هو أفضل، وهذا يؤدي إلى زوال ما نسميه بالمراء المرضي –أي تخوف المرض الناتج من القلق-.
سادسا: إن تمكنت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تتمكن أعتقد أنه يمكنك أن تتحصل على عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) أنت تحتاج له بجرعة خمسين مليجراما (حبة واحدة) ليلا، هو دواء مضاد للقلق وللمخاوف وللوساوس، ومحسن للمزاج بصورة فاعلة جدا، ليس له أي آثار جانبية سلبية، فقط ربما يفتح الشهية قليلا للأكل، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي عند الرجال، لكنه لا يؤثر على هرمون الذكورة أو الإنجاب.
أنت لا تحتاج لجرعة أكبر من هذه الجرعة (خمسين مليجراما) حبة واحدة تكفي، علما بأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم.
استمر على اللسترال بمعدل حبة واحدة ليلا لمدة خمسة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
ويمكن أن تدعم اللسترال بعقار آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) الجرعة المطلوبة في حالتك أيضا هي جرعة صغيرة جدا، وهي كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهرين، وقوة الكبسولة خمسين مليجراما.
هذه أدوية بسيطة، سليمة، وغير إدمانية، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، ولا بد أن تطبق كل ما أشرت إليه من إرشاد وممارسة للرياضة، وتواصل اجتماعي، وتغيير نمط الحياة، وتناول الدواء، هذه الجزئيات مكملة لبعضها البعض أيها الأخ الكريم، وبهذا تنعم بالصحة والعافية إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.