تنتابني أفكار سوداء أثناء الحمل أدت لتكرار الإجهاض، فما الحل؟

0 310

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة متزوجة منذ سبع سنوات، حملت ست مرات، في الحمل الأول توفي الطفل بعد ولادته لمشاكل صحية، وفي البقية كان يتوقف نمو الجنين، وعندي خوف شديد من الإجهاض المتكرر، مع علمي بأن ذلك قضاء الله وقدره، ولكنني أخاف من الحمل مرة أخرى، كما أنه زاد وزني كثيرا لعدم تركيزي إلا بالحمل السليم فقط، وما إن يحدث الحمل؛ إلا وأفكر كثيرا، وأشعر بالخوف والفزع.

أنا حامل الآن، وفرحت بذلك، ولكنني لا أستطيع السيطرة على الأفكار السوداء التي تنتابني وأنا حامل، وتبكيني خاصة قبل النوم، وأفزع منها أثناء نومي، بالرغم من انشغالي بالدراسة والاختبارات، وكثيرا ما أرى أحلاما مزعجة، وتحدثني نفسي بأن حياتي لن تصبح جميلة إلا إذا رزقت بولد، وأتمنى أن أصبح أما، ولكن قد لا يحدث ذلك بسبب وزني الزائد، فأشعر بالراحة بعد الإجهاض، ولكنني أحزن بشدة بعده، وأشعر وأنا نائمة بأن هناك شيئا غريبا وأن هذا الحمل سيقضي علي فأفزع من نومي، وأخاف كثيرا، فأنام على بطني كي أحمي ذلك الحمل.

أنا محافظة على أذكاري، وأعلم أن الرزق بيد الله وحده، وجربت علاجات طبية وشعبية كثيرة ولكن دون فائدة.

أريد الراحة من الأفكار السوداء التي تنتابني في فترة الحمل، وأتمنى أن أنام جيدا بدون فزع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمي حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيرا على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد، وأن يرزقك الذرية الطيبة الصالحة.

أيتها الفاضلة الكريمة: من الواضح أن تجاربك السابقة مع الحمل سببت لك قلقا استباقيا، وافتراضيا، ومخاوف، وشيئا من الوسوسة، وأنت لا تلامين على ذلك؛ لأن التجارب التي مررت بها أيضا ليست سهلة.

قطعا التيقن والإصرار على أن تضخمي الإيجابيات في حياتك وتقلصي من السلبيات هذا سوف يساعدك كثيرا، فالضغوط من حولك هي ضغوط إيجابية، مثل: ضغوط الدراسة، وغيرها، ولكن بالفعل إن الحمل يحتاج لشيء من راحة البال، ولذا أنا أقترح عليك أن تذهبي -ومن خلال طبيبتك المختصة في النساء والولادة- لمقابلة طبيب نفسي؛ لأن الأدوية في مثل هذه الحالات تساعد وبصورة ممتازة جدا، لكن هنالك محاذير معينة حول تناول الدواء أثناء الحمل، خاصة المراحل الأولى، وهي مراحل تخليق الأجنة.

أنا على قناعة تامة أن الدواء سوف يساعدك، وتوجد أدوية سليمة في الحمل، لكن هذا يجب أن يكون تحت الإشراف الطبي، ومثل حالتك هذه يجب أن يشرف عليها من قبل طبيبة النساء والولادة، وكذلك الطبيب النفسي، وفي كثير من الدول توجد فرق من هذا القبيل، بما يسمى بالفريق الطبي المتخصص، فاعرضي نفسك على الطبيب النفسي من خلال طبيبة النساء والولادة، وسوف تتابع حالتك وتصرف لك الأدوية السليمة والمناسبة، -وإن شاء الله تعالى- سوف تحسين باستقرار تام، وهذا الفكر الوسواسي الاكتئابي السلبي، سوف يزول تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتورة: رغدة عكاشة، استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتفهم مشاعرك -يا عزيزتي-، ولا شك بأن تكرر الإجهاض بهذا الشكل، مع ما يرافقه من شعور بالخسارة والعجز، هو من أكثر التجارب إيلاما للمرأة، وقد لا يعوض هذه الخسارة والشعور بالعجز إلا نجاح حمل جديد -بإذن الله تعالى-، وهذا أمر وارد عندك، وممكن الحدوث في هذا الحمل، -إن شاء الله تعالى-، فتفاءلي خيرا ولا تقنطي من رحمته -جل وعلا-.

ولقد عدت إلى استشارتك السابقة؛ لأطلع على تفاصيل حالتك، ولأتمكن من تقديم أقصى فائدة ممكنة، حتى لو كانت على شكل معلومات لعلها تريحك بعض الشيء -بإذن الله تعالى-، وسأذكر لك هذه المعلومات على شكل نقاط، فاقرئيها كلما راودتك الأفكار السلبية، فقد تجدين فيها حافزا أو دافعا لك لإبقاء باب الأمل مفتوحا -إن شاء الله تعالى-.

1- إن تكرر الإجهاض بالطريقة التي تحدث عندك -أي قبل ظهور المضغة والنبض، مع حدوث ولادة سابقة لطفل لديه تشوهات خلقية- توحي أو ترجح بأن السبب هو حدوث خلل صبغي أو وراثي، وفي هذه الحالة فإن ما يقوله الطب والعلم هو: أن نسبة نجاح الحمل الجديد هي تقريبا بحدود 60 % -بإذن الله تعالى-، أي أنها ما تزال أكبر من نسبة الفشل، والتي هي بحدود 40%.

2- في حال إذا تكرر الإجهاض عندك، ولم يكن ناتجا عن خلل صبغي أو وراثي؛ فان نسبة النجاح هنا ستكون أقل، وفي حدود 50%، أي أنها مساوية لنسبة الفشل، وهنا أدعوك إلى النظر إلى النصف المملوء من الكوب -كما يقال- فقد يكون من نصيبك -إن شاء الله تعالى-.

3- إن تطور هذا الحمل، وظهر النبض -بإذن الله تعالى-، فإن احتمال حدوث الإجهاض سيقل كثيرا، أي أن نسبة الفشل السابقة ستنخفض، وستصبح أقل بكثير مما هي عليه، فقد تصل إلى الثلث، فمثلا نسبة 50% ستقل، وتصبح في حدود 15-20%، هذا والعلم عند الله -عز وجل-.

لذلك نصيحتي لك هي كالتالي: تعاملي مع الحمل على أنه سيكمل -إن شاء الله-، وخذي بكل الأسباب التي تساعد على إنجاحه، لكن في ذات الوقت لا تتجاهلي حقيقة هامة، وهي أن نجاح أي حمل حتى لو كان طبيعيا هو أمر غير مضمون، بل له نسبة معينة، وهذه النسبة عندك هي أخفض من النسبة الطبيعية (لكنها موجودة).

وأنصحك أيضا باتباع ما يلي:

1- الاستمرار بتناول الإسبرين، والفوليك أسيد، مع إضافة إما: حبوب تسمى (البريدنيزولون)، أو إضافة إبر الهيبارين إليها.

2- تناول مضاد حيوي لمدة 10 أيام، وأحسنها نوع (اريثروميسن) عيار 500 ملغ حبة ثلاث مرات يوميا، لمدة 10 أيام؛ وذلك للقضاء على أي التهاب كامن في عنق الرحم.

3- تناول نوع من الفيتامينات الخاصة بالحمل يوميا، على أن تحتوي على فيتامين: B6-B12-E أو الفوليك أسيد.

4- تفادي الاستحمام بماء حار، والأفضل أن يكون ماء الاستحمام فاترا فقط.
5- تفادي التواجد في أجواء التدخين، أو الأجواء المزدحمة.
6- تفادي الروائح والعطور من أي نوع، بما في ذلك معطرات الجو.
7- تفادي تناول المعلبات، والأطعمة المحفوظة، وكل ما يحتوي على الملونات والمنكهات.
8- تقليل أو تفادي القهوة والشاي والكولا، وكل ما يحتوي على الكافيين.

9- تناول طعام متوازن، يحتوي على كل المكونات الغذائية الأساسية، مع الإكثار من الخضار، والفاكهة الطازجة.

10- الحرص على النوم لفترة لا تقل عن 8 ساعات في اليوم.
11- إذا تطور الحمل إلى نهاية الشهر الثالث -بإذن الله تعالى-؛ يجب عمل ربط لعنق الرحم، كنوع من الاحتياط؛ لأن لديك رحما ذات قرنين.

كل ذلك يعتبر كنوع من الأخذ بالأسباب ليس إلا، ويبقى الله -عز وجل- هو خير الحافظين.

أسأل الله -جل وعلا- أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية، وأن يتم لك الحمل على خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات