ابتليت بالنظر للمحرمات .. وتريد حلاً

0 720

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مشكلتي التي أعاني منها كثيرا: للأسف ابتليت بالنظر إلى المحرمات، كلما تابعتها في ذات اليوم أقول: سأتوب، ولكن أرجع من جديد لها، رغم أني وعدت ربي أني لن أكررها.

أريد شيئا يجعلني أمتنع عن النظر إلى المحرمات، صرت ملطخة بالذنوب، وأريد أن أرجع إلى الله من جديد، حتى صلاتي صرت أصليها متأخرة، أريد حلا لمشكلتي.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارا .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يطهر قلبك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-: إنه مما لا شك فيه أن هذه المعصية من المعاصي التي تقض مضجع كل مسلم ومسلمة؛ لأن العين هي مفتاح المعاصي كلها، والنظر بريد الزنى – كما ورد – ولذلك ما إن يفتح الإنسان عينه على الحرام إلا ويدخل هذا السهم المسموم إلى قلب الإنسان فيشغله ويشتهي ويتمنى ويقع فيما يغضب الله تبارك وتعالى، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العين تزني وزناها النظر).

فهذا زنى العين من الأنواع الشديدة التي تؤثر تأثيرا شديدا على إيمان الإنسان، بل وعلى نفسيته ومشاعره، ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى رجالا ونساء بغض البصر، فقال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} وقال: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}؛ لأن الله الذي خلق الإنسان يعلم خطورة النظر المحرم عليه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع لوى عنق ابن عمه الفضل ابن عباس حين رآه ينظر إلى فتاة، فسأله عمه: لم لويت عنق ابن عمك يا رسول الله؟ قال: (رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما).

وبما أن هذه المعصية معصية ذاتية سرية لا يمكن لأحد أن يطلع عليها سوى صاحبها، جعل الله قرار غض البصر قرارا شخصيا ذاتيا أيضا، فكل إنسان منا هو الوحيد القادر على أن يترك هذه المعصية إذا عقد العزم على ذلك وكان جادا صادقا.

ومن هنا فإني أقول: إن حل مشكلتك – ابنتي سارا – في يدك أنت وحدك؛ لأنك أنت التي تأخذين قرار النظر المحرم، وبالتالي أنت أيضا التي تأخذين قرار غض النظر عن الحرام، هذا أمر يحتاج أولا منك إلى أخذ قرار بالتوقف بداية، أن تأخذي قرارا بينك وبين نفسك أنك لن تنظري مرة أخرى إلى الحرام مهما كانت الأسباب والدواعي.

خذي هذا القرار أولا، وقولي لنفسك: (النظر إلى الحرام حرام، النظر إلى الحرام حرام) وقولي واقرئي قوله تعالي: {ألم يعلم بأن الله يرى}، وقوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} عدة مرات.

ثم بعد ذلك عليك بالتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء والإلحاح على الله أن يعينك الله تبارك وتعالى على غض بصرك وتحصين فرجك، ثم بعد ذلك حاولي المقاومة، كلما وجدت لديك الرغبة في النظر إلى الحرام حاولي أن تصرفي نفسك، بأن توجهي عينك إلى جهة أخرى، ولا تركزي على المنظر الذي ترغبين في النظر إليه.

حاولي قدر الاستطاعة كلما دعتك نفسك إلى ذلك، اصرفي بصرك إلى أي جهة من الجهات بعيدا عن هذا، مرة بعد مرة سوف تتوافر لديك الرغبة الذاتية في عدم النظر إلى الحرام؛ لأن المسألة – ابنتي سارا – نوع من التدريب.

الإنسان الآن الذي لا يحسن السباحة ماذا يصنع؟ ينزل إلى البحر ويبدأ في تطبيق برامج السباحة تحت إشراف أحد المدربين أو أحد أقاربه، ومع الأيام يصبح سباحا ماهرا، أما لو تركناه هكذا دون أن يأخذ أي مهارة فإنه من المتعذر عليه جدا حقيقة أن يجيد السباحة، كذلك لو ترك الإنسان نفسه بدون قرار فإنه من المتعذر عليه أن يترك هذه المعصية أو غيرها.

ومن هنا فإني أرى - بارك الله فيك – ضرورة أن تأخذي القرار، وأن تجتهدي في صرف بصرك عن الحرام، وأن تبحثي عن الأسباب التي تثيرك وتثير لديك الرغبة في النظر إلى الحرام، وتحاولي أن تغلقي هذه الأبواب.

قضية تأخير الصلاة بهذا الوضع الذي أنت عليه هو شؤم أثر من آثار المعصية؛ لأن المعاصي لها شؤم، وكما أن الطاعات لها بركة فإن المعصية لها شؤم وأثر أيضا، ولذلك نتيجة هذه المعصية يترتب عليها تأخيرك للصلاة عن وقتها، وتأخيرك للصلاة عن وقتها يؤدي إلى تمكن هذه المعصية منك، فكلا الأمرين مرتبط بالآخر، ولذلك عليك بالمحافظة على الصلاة في وقتها أيضا بقرار قوي، بأن لا تؤخري الصلاة مهما كانت الظروف ومهما كانت الأسباب ومهما كانت الدواعي، بذلك ستنتصرين في الصلاة، وتنتصرين في غض البصر.

اعلمي أن قرار غض البصر قرار شخصي، لا يمكن لأي قوة مهما عظمت أن تعينك أبدا – ابنتي سارا – إلا إذا كان لديك الاستعداد، وهنا أنا ذكرت لك الأمر وشرحته، وأترك لك الأمر لأنك الوحيدة القادرة على ذلك، فعليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، مع الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله من هذا، وأوصيك بأذكار الصباح والمساء، والابتعاد عن المثيرات، وأبشري بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات