لا أملك ما أحسد عليه، فماذا أفعل؟

0 231

السؤال

السلام عليكم

سمعت في أحد الأيام شخصا يقول لآخر: يحسد المرء لثلاث: لجماله، ولعلمه، ولماله.

والمشكلة أني لا أملك أي شيء منها، ولا أجيد أبسط الأمور؛ مما أصابني بالإحباط.

أرشدوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يبصرك بنعمه عليك لتشكرها، فإن الشكر سبب للزيادة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.

هذه المقولة -أولا- التي سمعتها ليست صحيحة، فجمال الإنسان ليس من كسبه، ولا من عمله وإنتاجه، بل هذا خلق الله، يفعل سبحانه وتعالى ما يصلح للعبد من حيث شعر أو لم يشعر، فله سبحانه وتعالى الحكمة الباهرة والحجة البالغة.

ومهما كان خلقك وعلى أي هيئة كانت صورتك، فإنها جميلة حسنة، فكل ما يصنع الله تعالى حسن جميل، والجمال أمر نسبي يتفاوت حتى في تقييمه وتذوقه، فما تراه أنت جميلا لا يراه غيرك كذلك.

وأما العلم فإن الله تعالى يمن به على من يشاء من خلقه، وله أسباب ينبغي للإنسان أن يأخذ بها، فإذا أخذ بها فسيأتيه من قدر الله تعالى ما كتبه الله تعالى له، وهو الأصلح له.

وأما المال، فهو امتحان الله تعالى وابتلاؤه للناس في هذه الحياة، وقد قسم الله تعالى أرزاقه بين الناس بحكمة بالغة، والحكمة منها الاختبار والابتلاء، كما أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم من أكثر من موضع، فقال سبحانه وتعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم * أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون}، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

والإنسان لا يحسد، بمعنى أن العاقل لا يتمنى أن يكون مثل أحد من الناس، وأن يعطيه الله عز وجل مثل ما أعطاه إلا في مقامين أخبر عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-:
- المقام الأول: رجل آتاه الله علما –يعني آتاه القرآن، يحفظه ويعلم ما فيه– فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، يقضي به، ويعلمه للناس، ويبلغ رسالات الله تعالى، فهو قائم مقام الأنبياء، فهذا إذا رآه الإنسان حق له أن يتمنى أن يكون مثله.

- والمقام الثاني: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته بالحق، يعني ينفق هذا المال في مرضاة الله، كصلة الرحم، والقيام بالحقوق والواجبات، ومواساة المحتاجين، والتفريج عن المعسرين، وغير ذلك من الأعمال التي تنال بها محبة الله، ويبلغ بها العبد رضوانه، فهذا إذا رآه العاقل حق له أن يتمنى أن يكون مثله.

أما ما عدا ذلك فإنه لا منافسة في هذه الدنيا، بل الميدان الحقيقي للتنافس هو الإكثار من الأعمال الصالحة التي تبلغ وتوصل إلى رضوان الله تعالى ونعيمه في الآخرة، وهذا ممكن لك، آتاك الله تعالى الوسائل التي تنافس بها، فارغب إليه سبحانه في أن يرزقك الحظ الأوفر من هذا، وخذ بالأسباب التي توصلك إلى ذلك من الإكثار من مجالسة الناس الصالحين، والاستماع إلى ذكر الله، وتعلم العلم النافع، والحرص على تعليم الجاهل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبذلك ستصل -بإذن الله تعالى- إلى أعلى المراتب عند الله.

والله سبحانه وتعالى دعانا إلى التنافس في هذا الميدان فقال: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}، وقال: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض} وقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات