السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أبلغ من العمر 19 سنة، أعاني من الخجل الزائد، حيث إن أي واحد يسألني شيئا لا أعرف كيف أتكلم معه، وأرتبك، وأنزل عيني في الأرض من قوة الخجل، حتى من والدي أعاني من الخجل، وهذا مرض أثر في دراستي ومستقبلي، وسبب لي كثرة الانطوائية، واحمرار الوجه.
تعبت من هذا المرض، وأغلب الناس يقولون أني مريض نفسيا، ولا أعرف التكلم، لذلك أريد أن أكون شخصية اجتماعية ناجحة، لكن الخجل هو السبب الرئيس، وأريد حلا لهذه المشكلة؛ لكي أتخلص من الخجل نهائيا, وقد حاولت وحاولت ولا فائدة، علما بأن هذا المرض مزمن معي، أي منذ قرابة الـ 4 سنوات.
والآن وقتي كله على النت؛ لأني لا أحب مخالطة الناس بسبب الخجل، علما أن عندي خوفا زائدا من بعض الناس؛ فهل تجد لي دواء أو شيئا يحل مشكلتي؟ هذا ما عندي وصلى الله على محمد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الأوصاف والسمات التي قد تصيب بعض الناس الخجل، وهنالك ظاهرة أخرى مشابهة تسمى بالخوف الاجتماعي، وهنالك الحياء، وهذا الأخير أفضل من ذلك كله.
فيا أيها الفاضل الكريم: الحياء خير كله أو كله خير، والحياء شعبة من الإيمان، والحياء يجلب الخير كله، ويذهب السوء كله إن شاء الله تعالى.
أنا أريدك أن تتأمل وتتدبر وتتفكر، وتعتبر خجلك هذا نوعا من الحياء، وليس خجلا انطوائيا مبنيا على شخصية ضعيفة، غير فكرك، تغيير الفكر مهم جدا.
الأمر الثاني: دائما انظر لنفسك بإيجابية، واسأل نفسك: لماذا أنا هكذا؟ لماذا لا أكون مثل الآخرين؟ أنا لا ينقصني شيء.
والأمر الثالث هو: أن تتخذ خطوات عملية، ولدينا خطوات عملية من يطبقها في مجتمعنا يعالج خجله، هذه الأمور هي:
- أن تصلي مع الجماعة في المسجد، يمكن أن تبدأ بالصفوف الخلفية، ثم بعد ذلك تنتقل تدريجيا إلى أن تصل إلى الصف الأول، وفي الصف الأول تصل لمرحلة أن تكون خلف الإمام، وتفكر في أنه إذا غاب الإمام أو طرأ له طارئ يمكن أن تنوب عنه في الصلاة، هذا أمر يحدث، ويمكن أن يحدث، وهو أمر ليس بالخيالي.
- أن تمارس رياضة جماعية مع بعض الأصدقاء مثل كرة القدم.
- نقطة أخرى مهمة جدا، وهي: أن تكون لك مشاركات اجتماعية، وأن تذهب إلى الأفراح، وأن ترفه عن نفسك بما هو مباح، وأن تزور أرحامك، وأن تزور المرضى.
أيها الفاضل الكريم: هذه تفتح لك مسارات الخير كله، خيري الدنيا والآخرة، وفي ذات الوقت هي علاج وعلاج عظيم جدا.
- نقطة أخرى مهمة جدا، وهي: الفعالية داخل الأسرة، الشخص الخجول أو الحيي إذا أخذ مبادرات داخل أسرته –وهذا أمر سهل جد وممكن جدا ومتاح جدا– فأرجو أن تكون فعالا، وأن تبادر داخل الأسرة، وهذا -إن شاء الله تعالى- يجعلك أكثر قوة وتصميما على مواجهة الخجل.
- استفد من زملائك الطلاب، أنا متأكد هنالك أشخاص يمكن للإنسان أن يطمئن لهم، مثل الشباب الصالحين، والشباب الفعالين، والشباب الناجحين، وهؤلاء الحمد لله كثر وكثر جدا، فتواصل معهم.
وأريد أن أقترح عليك اقتراحا بسيطا –أيها الابن الكريم-: لماذا لا تذهب إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن في أحد المساجد، ولو لمرة واحدة في الأسبوع، وتكون في إحدى الحلقات؟ فهذا فيه تعريض اجتماعي كبير جدا، ليس بالأمر السهل، لكن فكر في ذات الوقت أن هذه المجالسة القرآنية وهذه الحلق تحفها الملائكة، وتحفها الرحمة، ومن يرتادونها أصلا هم من الصالحين والخيرين، وهكذا نحسبهم والله حسيبهم، هذا تفاعل اجتماعي عظيم، فاجعل لنفسك -إن شاء الله تعالى- نصيبا من ذلك.
أريدك –أيها الفاضل الكريم– أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وإن شاء الله تعالى سوف تجد فيها خيرا كثيرا جدا، ومن الأدوية التي نصفها عقار يعرف تجاريا باسم تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine) وعقار آخر يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) ويعرف أيضا تجاريا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) وتوجد أدوية أخرى كثيرة.
أنا أفضل أيضا أن تذهب وتقابل أحد الأخوة الأطباء النفسيين، تحتاج لمقابلتين أو ثلاث، هذا فيه دعم نفسي كبير جدا لك، ويمكن للطبيب أن يختار لك الدواء الذي يناسبك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.