السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تربت على العبادة وحب الدين منذ صغري، فأنا مداومة على الصلاة، وقراءة القرآن، واستمر الحال هكذا حتى التحقت بالجامعة، فأحببت شابا، ولكنني الآن أكرهه كثيرا، فقد ابتعدت عن الدين شيئا فشيئا بسببه، وأصبحت أقطع الصلاة، وأصبحت دائمة التذمر من كل أمر لا يعجبني، وأدمنت سماع الموسيقى والأغاني، وفي بعض الأحيان أقوم بسب الدين - والعياذ بالله -.
بعد ذلك تبت إلى الله، وافترقنا - بفضل الله -، وأصبحت منذ ذلك الوقت أداوم على الصلاة، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، وأصبحت دائمة التوكل على الله في كل أمور حياتي، ولكنني كلما تقربت إلى الله، ازدادت الوساوس في نفسي، فهي وساوس متعلقة بالدين، وأصبحت أحدث نفسي بأمور لا يمكنني ذكرها، فهذه الوساوس تجتاحني دون رحمة، وكلما حاولت إيقافها أجدها تندفع نحوي بشكل أكبر.
أنا خائفة جدا من غضب الله، هل ما يحدث لي هو غضب من الله؟ أم أن توبتي لم تقبل؟ أصبحت لا أشعر بلذة العبادة كما السابق.
معدلي الجامعي من سيء إلى أسوأ، على الرغم من أنني أبذل كل جهدي لرفعة، وأسهر ليلا للدراسة وللامتحانات، وأفوض كل أموري لله تعالى، فهو مدبر كل عسير، وهو ميسر كل حزن وكل صعب، فأنا واثقة بالله تعالى، ولكنني أخاف أن يكون عدم توفيقي وانخفاض معدلي بسبب غضب الله مني.
أرجوكم لا تلوموني على ابتعادي عن الله، أتمنى لو أنني توفيت حينما كنت صغيرة، حتى لا أبتعد عن ربي.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: لن نلومك على ما مضى منك مما تكرهين يا روان، وثقي أن الله إذا أحب عبدا أتى به، وعودتك إلى الله دليل محبة الله لك، فلا تجزعي، ولا تخافي، واحمدي الله أن رزقك قلبا صالحا.
ثانيا: الله قريب مجيب الدعوات - يا ابنتي -، يقبل توبة العبد على ما كان منه، هو أقرب إليه منه، إذا تقربت إليه شبرا، تقرب إليك ذراعا، استمعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : ((إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))، لأن الله يريد لنا الخير، ويريد التوبة علينا، وقد قال تعالى جل شانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم*وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له}، والتعبير بقوله جل شانه: {لا تقنطوا من رحمة الله}، يدل على سعة رحمة الله، وعدم يأس المؤمن من رحمة الله جل وعز.
ثالثا: نبشرك - ابنتنا الكريمة -، مما منه تخافين، فقد ذكرت - حفظك الله - أمر الوسواس، فقلت: (تزداد أحاديث في النفس بأقوال لا يمكن ذكرها - والعياذ بالله -، وأحاول إيقافها، ولكن لا أستطيع، إنها تأتي رغما عني، أنا خائفة من غضب الله)، وهذا أختي يدل على الإيمان، لأنك ببساطة لو كنت راضية عن هذا القول ما خشيت شيئا، غضبك مما قيل دليل على أنه ليس منك، والله لن يحاسبك عليه، واستمعي إلى هذا الحديث جيدا، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء ناس من أصحاب
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان"، والمعنى أن كراهية هذه الوساوس، وبغضها، والنفور منها، هو صريح الإيمان.
رابعا: بالنسبة لمعدلاتك النازلة في الجامعة، قد تكوني مجتهدة، وقد تكوني متفرغة بجسدك، لكن المذاكرة تحتاج إلى ثلاثة أمور :
1- فراغ الذهن تماما.
2- الجد والاجتهاد في التحصيل.
3- حسن الظن بالله، مع التوكل عليه.
اجتهدي مرة أخرى، وخلصي ذهنك من بقايا ما فيه، ومن القلق الذي بداخلك، وثقي أن الله يحبك، كرري هذه الكلمة (الله يحبني)، والدليل على ذلك أنه أرجعك مرة أخرى إلى تدينك وصلاتك.
وأخيرا: الخشوع في الصلاة يحتاج إلى دعاء، واستحضار القلب، وكثرة ذكر لله جل شأنه.
نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، وأن يبشرك بالخير، والله المستعان.