السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أعاني من عدة مشاكل: أولها: أنني كلما تقدم شخص ما للتحدث إلي بغرض الزواج؛ أسارع برفضه، وأكذب وأقول: إني مخطوبة. وبعدما يذهب أشعر بالندم؛ لتفويت الفرصة، ثم تتكرر المشكلة معي دائما، وفي أحسن الأحوال أستمر مع الشخص لفترة وجيزة، وما أن يقترب موعد الجد حتى أبحث عن أعذار؛ لكي أتخلص منه وأحاول إقناع نفسي بأني محقة.
الكل من عائلتي يقولون لي: إنك لست طبيعية. وأصبحت أشعر بالخوف والقلق، سيما أني على أبواب الثلاثين، ونفس الحالة تلاحقني، حيث أن كل شخص يتقرب إلي أحس بالضيق، وأحدث نفسي: بأنه سوف يحرمني من حريتي، وسوف يتعبني بمسؤولية الزواج، وفي الوقت ذاته عندما أسمع عن زواج إحداهن؛ أتمنى أن أتزوج، أشعر بحيرة شديدة، ولا أعلم سر هذه المشكلة.
أرجو أن ترشدوني إلى حل، فأنا قد تعبت كثيرا، وللإشارة: هناك الآن شاب من الأردن وأنا مغربية يريدني للزواج، وقد ضرب لي موعدا قريبا للحضور إلى المغرب، وأنا الآن أشعر بذلك الشعور مجددا، حتى إني أفكر أن أقول له: لا تأت. وهناك شاب مغربي -أيضا- يريدني للزواج، لكن أتصرف تصرفات ستجعله يبتعد، هذا كله يحدث دون أن أستطيع فعل شيء.
أرجوكم أن تساعدوني في حل مشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا بما في نفسك وحياتك على هذا الموقع.
على ما يبدو أنك -ولسبب ما- تعانين مما يمكن أن تعاني منه الشابة من الخوف أو الرهبة من الزواج، وربما هذا بسبب أحداث معينة مرت بك في طفولتك، سواء أنت قد تعرضت لها، أو رأيتيها في أسرتك كنوع المعاملة بين الزوجين، أو بسبب القصص والروايات والأفلام الكثيرة التي تصور بعض النماذج السيئة أو السلبية من الزوجات، حيث يمكن أن تتعرض الزوجة لسوء المعاملة من زوجها، أو بسبب ما تسمع عنه الفتاة من بعض الممارسات الجنسية السيئة أو السلبية من قبل بعض الأزواج...
المهم هناك أسباب كثيرة يمكن أن تفسر ما يحدث معك، ولكن سواء عرفنا أو لم نعرف، فإن علينا حسن التعامل مع هذا الموقف وتجاوزه.
طبعا إن كانت هناك نماذج سيئة أو سلبية، فإن هناك نماذج كثيرة رائعة وناجحة عن الزواج السعيد والأسرة الهانئة.
وبسبب تكرار التجارب السابقة من طلب الزواج ورفضك للطلب، فقد تكرست عندك هذه القضية حتى أصبحت مشكلة تحتاج للعلاج والحل.
فماذا يمكنك عمله الآن:
- أولا: الإقرار الذاتي بأن ما تعانين منه هي حالة من رهاب الزواج، وأن عليك مواجهتها.
- رفع ثقتك في نفسك، وتذكري أنه طالما أن هناك طلابا للزواج منك، فهذا مؤشر قوي على أنهم يرون فيك أنك الزوجة المثالية، فلا تنسي هذا وسط ضوضاء هذه المشكلة.
- تذكري أن التجنب والهروب لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم، وتصبح مزمنة.
- انتهزي أول فرصة تأتيك، سواء كان الشاب الأردني أو المغربي أو غيرهما، المهم انتهزي هذه الفرصة؛ لخوض غمار هذا الأمر، وعدم الهروب والاعتذار، والتبرير والتجنب.
- تذكري أن هناك أسرة سعيدة، أنت عمودها الأساسي، تنتظر أن تخرج للوجود، والله مثيبك عليها خير الثواب.
- وتذكري أيضا ألا تفعلي هذا لمجرد الثواب، فسعادتك -أيضا- متوقفة -ربما- على المبادرة والتقدم والجرأة في متابعة الأمر.
- استعيني بإحدى قريباتك أو صديقاتك؛ لتقف معك خلال هذه الفترة العصيبة، فالإنسان يحتاج أحيانا لمن يقف معه، ويشد من أزره، ولعل في هذا ما يفيد، وتذكري أيضا مقولة: (فساد الأمر، أن تتردد).
وفقك الله، وشرح صدرك لما أنت مقبلة عليه، ورزقك صواب الرأي والقول والعمل، وأعانك على تكوين الأسرة السعيدة.
+++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++++++++++++
مرحبا بك –أختنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
نحن نؤكد ما قاله لك الأخ الفاضل الدكتور مأمون –جزاه الله خيرا– من الوصايا والنصائح التي حثك فيها على المبادرة إلى انتهاز الفرصة التي تتاح لك للتزوج، ولكننا مع هذا نلفت انتباهك أيضا –أيتها البنت الكريمة– إلى أمور أخرى:
أول هذه الأمور: أن تستعيني بالله سبحانه وتعالى وتلجئي إليه؛ ليخلصك مما تعانينه من الخوف والرهاب من الزواج، وذلك بالإكثار من ذكره سبحانه وتعالى، والمداومة على أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ ونحو ذلك من الأذكار التي جعلها الله تعالى تحصينا لهذا الإنسان من المؤذيات.
الوصية الثانية التي ننصحك بها: أن تجتهدي في استعمال الرقية الشرعية، وخير من يرقيك أنت، فإن قلوب العباد المنكسرة المضطرة المحتاجة أقرب إلى الله تعالى حال الدعاء من قلوب كثيرين ممن يدعون ويرقون، فصاحب الحاجة عادة ما يكون أحرص على تحققها، وصاحب الدعوة عندما يدعو لنفسه يكون أكثر اضطرارا وإقبالا على الله تعالى، والله سبحانه وتعالى بكرمه يجيب دعوة المضطرين، فننصحك باستعمال الرقية الشرعية، بأن تقرئي على نفسك في ماء ما تعرفينه من القرآن الكريم، كـ {قل هو الله أحد} والمعوذتين {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} والفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وأول سورة الصافات، الصفحة الأولى من سورة الصافات، اقرئي هذه الآيات والسور في ماء، واشربي هذا الماء، ولا بأس -أيضا- بأن تقرئيها في ماء وتغتسلي بالماء الذي قرأت عليه، فإن في الرقية الشرعية نفعا عظيما، وهي تنفع مما نزل بالإنسان من المكروه، وتدفع عنه ما لم ينزل بإذن الله.
التوجيه الثالث الذي نريد أن نلفت انتباهك إليه: أن تعرفي يقينا أن المعاصي والذنوب لها آثار عاجلة في هذه الدنيا، ومن آثارها الحرمان من الأرزاق، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
فنصيحتنا لك: أن تجنبي نفسك أسباب الحرمان، بأن تتوبي إلى الله تعالى من ذنوبك، وتصلحي ما بينك وبين الله تعالى بأداء الفرائض واجتناب المحرمات.
ومن المحرمات التي يستهين بها كثير من الناس: إنشاء علاقات بين الشابات والشباب خارج إطار الزوجية، مع أن الشارع الحكيم قد حذرنا تمام التحذير من فتنة الرجل بالمرأة وفتنة المرأة بالرجل.
ولذلك وضع الله تبارك وتعالى ضوابط وتوجيهات لا بد من الالتزام بها والوقوف عند حدود الله تعالى فيها، فلا يجوز لك أن تختلي برجل أجنبي عنك، كما لا يجوز لك أن تضعي حجابك أمامه، ولا أن تتكلمي معه بكلام فيه خضوع ولين، وهذه الضوابط كلها شرعها الله تعالى لحمايتك وحفظك.
فبادري -بارك الله فيك وأصلح الله شأنك كله– إلى الوقوف عند حدود الله، وسليه سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير.
نسأل الله تعالى لك كل خير.