شخصيتي السلبية كيف يمكن تغييرها وتطويرها

0 272

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

شكرا لكم على هذا الموقع المفيد، وأتمنى لكم التوفيق.

أنا فتاة أبلغ من العمر (18) سنة، أحب أمي، ولكن شكوكها ومخاوفها علي، تجعلني أتضايق منها كثيرا، أن أريد أن أمحو شكوكها، وأريد أن أكسب ثقتها، وأريدها أن تعاملي كبنت ناضجة.

في الواقع ليست أمي فقط من يعاملني هكذا، بل الجميع أبي، وأخي الكبير أيضا، فهم لا يعطونني أي قيمة، ويجرحوني في كلامهم بشكل دائم، فأمي لا تثق بقدرتي على تحمل أي مسؤولية، ولا تثق بي، أقر وأعترف يأن تصرفاتي معها لا تكسبني الثقة، فأنا سريعة العصبية، وأجلس طويلا أمام التلفاز.

أنا فتاة لا تنال الاحترام من أهلها وزميلاتها، أشعر بأنهم لا يعطونني أي أهمية، عندما أتكلم لا يستمعون لي، ولا يؤخذ كلامي على محمل الجد، كيف يمكنني كسب احترام الجميع؟ وكيف يمكنني إثبات نفسي؟ أمزح كثيرا مع زميلاتي، وأشعر بأن مزاحي هو السبب في عدم احترامهم لي، أريد أن أكون جادة، وصاحبة شخصية عظيمة، أريد أن أغير سلوكي كاملا، وأن أترك كثرة الكلام والمزاح، أحتاج إلى نصيحتكم.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحماه حسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: من الجميل أن يعترف الإنسان بأخطائه، وأن يعترف أنه في حاجة إلى التعديل والتقويم، بل يعد الاعتراف مع الاستعداد إلى التغيير نصف العلاج، وقد كنت موفقة حين جعلت مردود تصرفاتك السلبية إلى نفسك، لا إلى المجتمع من حولك، فإن البعض - أختنا الكريمة -، لا يتهم نفسه، ولكن يتهم أهله وإخوانه وأصدقاءه والدنيا كلها، وهو وحده الصواب، وهذه النوعية لا يرجى لها شفاء، لذلك نحمد الله إن هداك إلى هذا الموقف الرائع منك.

ثانيا: أنت فتاة يغلب عليها الطيبة والعفوية، وهي صفات جيدة، ولكنها توقع أحيانا في مشاكل متعددة، وأحيانا يقول الإنسان ما يظنه حسنا، فيكون مستهجنا عند البعض الناس، أو يكثر المزاح، ليستخف به الناس، والمشكلة لا تكمن في الطيبة بقدر ما تكمن في آلية التعامل مع الغير.

ثالثا: العلة كذلك ليست في المزاح، وإنما العلة في طبيعته وزيادته عن حده، ولذلك لا نريدك أن ترتدي بدرجة كاملة لتصيري جادة جدا، لا تعرفي المزاح ولا تتقبليه، هذا خطأ، وسيكون ضد فطرتك التي فطرك الله عليها، بل التوسط والاعتدال هو الأفضل والأحكم.

رابعا: إنك تحتاجين حتى تصلي إلى هذه المرحلة إلى ما يلي:

1- كثرة القراءة والاطلاع، خاصة في التاريخ والسير، فإن هذا يكسبك خبرة ذاتية، وثقلا عند الحديث.
2- نريدك أن تقرئي في الكتب المعنية بفن التعامل مع الناس، وهي كثيرة وموجودة على الإنترنت.
3- نصف العلم سماع، والله منك لسانا واحدا وأذنين اثنتين، وفي هذا إشارة إلى أن السماع ينبغي أن يكون ضعف الكلام.
4- نريدك أن تثقي في نفسك، فالثقة بالنفس عامل هام في تغيير حالتك، وهي عبارة عن إحساس داخلي، أي أنك تستشعري به في داخل نفسك، ليترجم إلي مواقف ثابتة، وحركات مستقيمة، وتقبل الخطأ الموجود بكل أريحية، ساعتها سيتصرف الإنسان بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة.

ولكي تعود الثقة إلى مكانها، لابد أولا من التعرف على الأسباب التي تضعفها، وهي كالتالي:

- تهويل الأمور، وتضخيم المواقف، بحيث تشعري أن من حولك يركزون على ضعفك، ويرقبون كل حركة غير طبيعية تقومين بها، وهذا وهم، وعلاجه هو الانشغال بالأهداف والتغافل عن سفاسف الأمور.
- اعتبار نقد الناس هو المعيار الحقيقي لصوابك أو خطأك، وهذا خلل خطير، فالمعيار الحقيقي هو الأصول والمبادئ المتعارف عليها شرعا وليس حديث الناس.
- كثرة التفكير في كل انتقاد، وهذا أيضا خطأ، لأنه قد يتطور إلي أن يصل إلى حد احتقار الذات في الخلوة ،وهذا يشكل خطرا جسيما على النفس؛ لأنه يزيد من اقتناعك بكلام الغير، فعليك التوقف فورا عنها.
- بالطبع سينتج عن الثلاثية الماضية: الخوف والقلق من أي فعل تقومين به، أو أي حركة تصدر منك، وهذا يشعرك دوما بأنك مصدر إزعاج لنفسك أولا، وللآخرين ثانيا.

وفي الختام أنت إنسانة طبيعية، وتحتاجين إلى مجاهدة نفسك، والاستماع أكثر من الحديث، والقراءة المركزة، مع الثقة بالنفس، والدعاء إلى الله عز وجل، والتفكير قبل الكلام يجنبك الزلات، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات