السؤال
السلام عليكم
في البداية أود أن أشكر كل الأعضاء الساهرين على هذا الموقع الرائع، والذي يهتم بقضايا الأمة الإسلامية جمعاء.
لدي مشكلة تؤرقني دائما، وأود منكم إفادتي بما يمكن أن يخلصني من هذا التفكير، وأشعر أني أقصر في العبادة، وأني لا أؤديها كما ينبغي، وأن الله لا يقبلها، علما أني أحرص كل الحرص على تأديتها كما يجب، فمثلا: الصلاة، أحاول الخشوع فيها، وتأديتها كما ينبغي ومع الجماعة، وفي وقتها، والحضور لصلاة الصبح في الجماعة، والمحافظة على الأذكار كلها.
يعني أعمل أي شيء يجعلني أتقرب من الله عز وجل، لكني أحس أنني غير مكتمل في العبادة، والله العظيم -والله شاهد على كلامي- إني أحب أن أكون مثل المؤمن الحقيقي لكن لا أستطيع بأفكاري، أريد أن أحب الله كما ينبغي، لكن لا أستطيع.
هل هذه وساوس أم ماذا؟ أنا حائر من أمري والله، ألتمس منكم إخواني مدي بأفكار وبنصائح ولكم جزيل الشكر.
والله المستعان على كل شيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
بخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فاعلم أن هذه قطعا وساوس من الشيطان، يريد أن يحزنك بها، وأن يصرفك عن التلذذ بالعبادة.
لا تنشغل عن تدينك، ولا تبتعد عن محيطك الدعوي، ولا تتراجع عن هدفك في أن تكون مؤمنا حقيقيا، واعلم أنك بهذه المجاهدة تأخذ الأجر مرتين، مرة للطاعة ومرة لمجاهدة الشيطان.
المؤمن الحق -أخي محمد- هو الذي يعمل ويخاف ألا يتقبل منه، وشعورك هذا دليل -إن شاء الله- على قبول العمل، واقرأ معي قول الله عز وجل: ﴿ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ﴾ [الأنفال: 2 - 4]
أي خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية الله تعالى انكفافا عن المحارم، فإن خوف الله أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب.
ما هي أوصافهم قال تعالى ﴿ الذين يقيمون الصلاة ﴾ فأول دليل على صحة معتقدهم أنهم يقيمون الصلاة في أوقاتها، والخوف من عدم التقبل أحد صفاتهم قال تعالى: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون*والذين هم بآيات ربهم يؤمنون*والذين هم بربهم لا يشركون*والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} لما سمعت عائشة الآية قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم، {أولئك الذين يسارعون في الخيرات}.
قال الحسن : لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها، فأمل في الله خيرا.
- كذلك عليك أن تعلم -حفظك الله- أن من صفات المؤمن الحق أنه مع خوفه ألا يتقبل الله منه يحسن الظن في الله عز وجل، ومعنى إحسان الظن: توقع الجميل منه سبحانه، وأن الله سيقبل منا على ما كان منا من نقص أو تقصير، وإحسان الظن عبادة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة)، وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي) متفق عليه. وفي المسند عنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله)، ومعنى ذلك أن الله عز وجل يعامله بحسن ظنه، ويعطيه ما توقعه من خير.
أخي الحبيب، داوم على صلاتك وعلى عبادتك، واجعل القبول قرين حسن الظن بالله لا قرين العمل، وتذكر قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه؛ ذلك بأن الخير في يده) رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.
نسأل الله أن يوفقك وأن يرعاك والله المستعان.