أبي يشكك في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كيف أتعامل معه؟

0 422

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلة صعبة جدا وهي: أريد أن أتبع سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأتعلم الأحاديث، وأريد أن أصبح داعية إسلاميا، ولكن والدي يشكك في الدين، ويقول لي: إن الداعية الإسلامي منافق وكاذب، وهذه المهنة محرمة، ويسب البخاري ومسلم وابن القيم، ويقول: إنهم وضعوا أحاديثا كاذبة، ولا يوجد شيء اسمه سنة النبي .. ويقول اتبع القرآن فقط!

لكن حلمي أن أصبح داعية، وأتحلى بأخلاق سيد المحبوبين محمد -صلى الله عليه وسلم-، لكن أبي يحبطني فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يعينك على تحقيق هذا الحلم الجميل الذي تفكر فيه، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل–: الذي أرجوه أن تكون قد أسأت فهم كلام والدك؛ لأن هذا الكلام الذي تنسبه إليه في غاية الخطورة، لأن إنكار مثل هذه الأشياء يخرج من الملة -والعياذ بالله تعالى-، واتهام الناس –الدعاة والعلماء– بأنهم من المنافقين والكذابين، وأن هذه المهنة محرمة، وسبه للبخاري ومسلم وغيرهما، ويقول: بأنه ليس هناك شيء من السنة.

هذا كله من الأعمال العظيمة والجرائم الكبرى، وإنكار سنة النبي -عليه الصلاة والسلام– هي إنكار الدين كله؛ لأن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم– هي المفسرة والمبينة للقرآن، وإذا لم يكن هناك من فائدة للسنة فلماذا بعث الله الأنبياء والمرسلين.

واتباع القرآن فقط هذه دعوة باطلة، وهي دعوة فئة فاسدة العقيدة، فاسدة التفكير، مريضة القلب؛ لأن إنكار السنة هو إنكار للقرآن، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه).

والسنة هي المصدر الثاني للتشريع كما ذكر أهل العلم –ولدي محمد– وإنكارها إنكار للمصدر الأول؛ لأن الله تبارك وتعالى -على سبيل المثال- عندما قال: {وأقيموا الصلاة} لم يبين لنا عدد ركعات الصلوات، وهذا مثل بسيط جدا، لم يقل لنا الظهر كم ركعة، أو أن العصر ركعتين أو أربع ركعات، أو أن المغرب كذا، وإنما أمر الله تبارك وتعالى أمرا عاما بالصلاة، ولم يبين لنا متى يكون القيام، ولا متى يكون الركوع، ولا متى يكون السجود، ولا كيف ندخل في الصلاة وكيف نخرج منها، وهذا على سبيل المثال.

كذلك أيضا في الزكاة، عندما أمرنا الله تبارك وتعالى بإيتاء الزكاة لم يبين لنا الأنصبة، ولا الأنواع التي تجوز فيها الزكوات بصفة منفصلة، فإنكار السنة –يا ولدي– إنكار للدين كله.

ولذلك أتمنى أن تكون قد فهمت كلام والدك خطئا؛ لأنه إذا كانت هذه عقيدته فمعنى ذلك أن والدك على خطر عظيم، فإذا كان سليما بالقوى العقلية وليس مجنونا فهذا نوع من الإلحاد والكفر -والعياذ بالله تعالى-. أما إذا كان والدك متخلفا عقليا فلعله معذور بجنونه، أو إذا كان رجلا جاهلا لا يعرف من الأمر شيء فالأولى له أن يسكت ولا يشكك.

ولكن أوصيك بأن تواصل رحلتك –يا ولدي– وأن تجتهد في طلب العلم، ودعك من كلام والدك؛ لأنه لا قيمة له شرعا ولا عقلا، وغير مقبول حتى عند عوام الناس الذين يعلمون أهمية سنة النبي -صلى الله عليه وسلم– في فهم الدين وفهم القرآن وبيان القرآن وتفسيره، وتطبيقه وتحويله إلى واقع، ولذلك لماذا قال الله لنا في القرآن: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}؟ ولماذا قال الله تعالى لنبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا}؟

إذا هذا الكلام الذي تنسبه إلى والدك كلام غير مقبول، وكلام غير شرعي، وكلام في غاية الخطورة، ولذلك أتمنى أن تصرف النظر عنه، وألا تلقي له بالا، وألا تناقش والدك؛ لأنك صغير، وهذه المناقشات قد تفسد عليك نيتك الطيبة.

وعليك أن تهتم بمستواك العلمي والدراسي، وأن تجتهد حتى تكون متميزا بين أقرانك في دراستك التي تدرسها في المدارس، وفي نفس الوقت أيضا حاول أن تحضر حلق العلم ومجالس الذكر والمحاضرات والندوات، وأن تتعلم بالوسائل المتاحة لديك، حتى تكون من العلماء العاملين والأولياء الصالحين.

أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد ولسائر المسلمين، هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات