السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شخصيتي ضعيفة أمام الناس في المدرسة، وأمام أهلي قوية جدا، وأنا حساسة جدا، أبكي من أي كلمة موجهة لي، ولا آخذ حقي من الذين ظلموني، وإذا ذهبت إلى مجمع أو سوق لا أتكلم وأخجل من الناس، أريد حلا يقوي شخصيتي، أريد أن أصبح جريئة وأستطيع أن أتكلم.
لا يمكنني الذهاب للمكتبة؛ لأشتري كتبا أقرأها وأستفيد منها؛ لأن والدي يعتبر الكتب ليست مهمة، وأبي عصبي جدا، ولا أستطيع أن أواجهه. كيف أتمكن من النقاش معه؟ وأخجل من شكلي لأني لست جميلة: رأسي صغير، وجسمي كبير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا.
إن ما وصفت في سؤالك إنما هي حالة نفسية معروفة جدا نسميها عادة (الرهاب الاجتماعي) وهي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات كالحديث مع المعلمين، وقد يشعر الشخص -وكما وصفت- باحمرار الوجه، وتسرع ضربات القلب، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط، أو يتحدث مع المعلم على انفراد.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية كالتعرق والإحساس وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الشخص بالإسراع للخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس؛ لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق. ومجموع هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع. وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
وفي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، وخاصة أن عندك شيئا من ضعف الثقة بالنفس بسبب الشكل والهيئة، كذلك أن تحاولي أن لا تتجنبي الأماكن الخاصة التي تشعرين فيها بهذا الارتباك كالحديث مع المعلمات؛ لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، والنصيحة الأفضل أن تقتحمي مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظين أنك بدأت بالتأقلم والتكيف مع هذه الظروف الاجتماعية.
وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطيعي السيطرة عليها؛ فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي -والذي يقوم على ما سبق ذكره-، أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
وإن كنت أشعر بأنك ستقومين بتجاوز هذا من نفسك، وخاصة أنك استطعت السيطرة على هذه المشكلة في بعض جوانب حياتك الأخرى.
وأما علاقتك بوالدك، وعصبيته، فحاولي أن تقتربي أكثر وأكثر من والديك، ولعلك تشعرين بالمزيد من الثقة بالحديث معهما، وخاصة والدك.
وأنا أشعر بأنك إن تجاوزت صعوبة الرهاب الاجتماعي، فالغالب أن ثقتك بنفسك ستستمر بالارتفاع، وبحيث تشمل كل جوانب حياتك المختلفة.
وفقك الله، ويسر لك.