السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أنوه لكم بأن ما سأقوله طويل نوعا ما, وأعتذر عن الإطالة، وذلك لإيصال فكرتي بكل تفاصيلها.
منذ استدلالي على موقعكم، فأي مشكلة تواجهني ألجأ إليكم لتنصحوني بها.
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاما, أدرس الفقه والقانون, نذرت حياتي لمساعدة الناس المحتاجين، فلعل مساعدتي لأحدهم تشفع لي يوم القيامة.
لدي فكرة أريد تطبيقها، ويسرني أن أخبركم بها، أطمح من خلال دراستي للقانون أن أعمل في مجال التحكيم الدولي -أي في حل المنازعات بين الدول-، حيث أن مردود المحامي من تلك القضايا عال جدا، وأنا دراستي فقط للمال.
فأنا راسلتكم قبل سنتين تقريبا، وأخبرتكم أن والدي أجبرني على دراسة القانون، وأنا أرغب في دراسة الصحافة, لكنني تجاوزت تلك المرحلة -ولله الحمد-.
الآن فكرتي هي فكرة تطوعية خيرية بحتة، وفكرة جديدة لم يقم أحد بتنفيذها، تقوم على إنشاء مؤسسة للأعمال الخيرية، حيث نقوم بمساعدة الفقراء مثلا: رجل لا يجد عملا، ويعيش على الصدقات، نقوم بتوفير العمل له، ونوقع معه عقدا لمدة 3 سنوات على أن يعطينا من أرباح العمل الذي وفرناه له بنسبة (5-10%)، وبعد 3 سنوات يذهب في حال سبيله، والنسبة التي أخذناها منه نوفر بها فرصة عمل لشخص آخر، وبالتالي تستمر المؤسسة بالعطاء والعمل.
والشخص الذي قمنا بتوفير فرصة عمل له بعد أن كان محتاجا يعيله الناس، يصبح هو من يعيل غيره، ولا يحتاج لمساعدة الآخرين.
ومن نشاطات المؤسسة أيضا؛ أن أتفق مع بعض زملائي المحاميين في حل قضايا الناس المحتاجين بين الحين والآخر، الالتفات لأهالي الأسرى في سجون الاحتلال، وتبني الأطفال في دور الأيتام، هكذا حملات تتبعها حملات لن تقف عند أي حدود، هذا نذر, وهذه الحياة التي أريدها لعل أحد هذه الأعمال تشفع لي يوم القيامة.
وأريد أن أستشيركم، كيف أختار شريك حياتي الذي يساعدني، ويكون معي في تحقيق هذا الحلم؟ ما هي الصفات التي يجب أن تتوفر به؟ وكيف أخبره بالأمر حينها؟ وما رأيكم في الفكرة؟
أشكركم جدا على جهودكم، وأسأل الله تعالى أن يجزيكم عنا كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: شكر الله لك -أختنا الكريمة- حرصك على مساعدة الفقراء والمساكين، فهذا من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى مولاه، وهي لون من الإحسان إلى الناس، والإحسان إلى الناس سبب في محبة الله تعالى القائل: ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ).
وكذلك المحسن قريب من رحمة الله، قال تعالى: ( إن رحمت الله قريب من المحسنين )، وأعماله التي يقوم بها لا تضيع هباء، قال تعالى: ( ولا نضيع أجر المحسنين ).
ويكفي لمعرفة هذا الخير؛ أن نذكرك بما رواه البخاري ومسلم: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)، وما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فأبشري –أختنا- وأملي في الله خيرا.
ثانيا: أما عن الفكرة فهي رائعة، وإنا لنرجو الله أن تكون سببا لدخولك الجنة، وقربك من الله -عز وجل- في الدنيا والآخرة.
ثالثا: اختيار الزوج من الأمور الهامة، والمساعدة على نجاح مشروعك إلى الله -عز وجل-، ولهذا يحتاج إلى شاب له مواصفات منها:
1- الدين والخلق، وقد ورد النص على ذلك صراحة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
2- الاهتمام بالأمة الإسلامية وقضاياها الكبرى.
3- حب العمل الخيري، وحرصه على مساعدة الآخرين، وإيمانه بذلك.
رابعا: بالطبع –أختنا- درجات الترقي في هذا الأمر تختلف من شخص إلى آخر، لكن يكفيك أن يكون محبا أو مؤيدا أو على الأقل ليس معارضا، ثم بعد ذلك يترقى الحال -إن شاء الله-.
خامسا: لا تقدمي على أمر -أختنا الكريمة- إلا بعد صلاة الاستخارة.
ونسأل الله الكريم أن يعطيك ما تحبين وتريدين من خيري الدنيا والآخرة والله المستعان.