أعاني من آثار العادة السرية، وكلما حاولت تركها أخفقت، كيف أتخلّص منها؟

0 180

السؤال

السلام عليكم

عمري 17 عاما، أمارس العادة منذ أربع سنوات، كانت الممارسة في البداية متقطعة، وأشعر بالندم بعدها، إلى أن أصبحت الآن عادة، وأمارسها مرة أو أكثر في اليوم.

بحثت كثيرا عن طرق التخلص، ولم تفدن أي واحدة، مع أني ملتزم ومتدين جدا، أنا كنت حافظا لكتاب الله كاملا، وبسببها ابتعدت عنه، والآن لم يبق لي شيء إلا دراستي، ولا أستطيع التركيز في دراستي بسببها، وحاولت محاولات كثيرة جدا، أربع سنوات وأنا أحاول! وأطول مدة ابتعدت عنها كانت أربعة أشهر صيام، وجربت الرياضة، لكنها ترجع وتراودني.

الآن أسأل: هل التخلص منها يأتي تدريجيا -أي على فترات متباعدة، وأزيد الفترة كل مرة حتى أنتهي منها- أم الانقطاع عنها مرة واحدة؟ وقد جربت كثيرا الانقطاع منها مرة واحدة لكني أعود مرة ثانية ذليلا! للأسف، مجتمعنا مليء بالفتن، وأنا الآن عزمت على تركها، ولكن شهوتي متوقدة، ولا أعرف كيف أتخلص منها؟! وخائف جدا أن يحدث كما حدث سابقا، وأعود ذليلا لها مرة ثانية.

هل أجرب التخلص بالتدريج، كأن أفعلها ثم أعزم على فترة أطول، مثلا: 8 أيام، ثم أفعلها، ثم 10 أيام، وهكذا حتى أتخلص؟ مع العلم أني أجاهد نفسي منذ يومين، وغير قادر؛ لأن شهوتي كما ذكرت متوقدة.

ساعدوني، ودلوني على طريقة جيدة للتخلص منها نهائيا في أسرع وقت مهما كانت التحديات؛ لأركز في دراستي، -وبإذن الله- سأحاول بقدر استطاعتي.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: شكر الله لك تدينك وحرصك على طاعة الله -عز وجل-، وما ندمك إلا دليل على أن السلوك الذي أدمنته قد أرقك وأتعبك وأبعدك، نعم، أبعدك عن أجمل لذات الحياة وأطيبها، أتدري ما ألذ شيء في الحياة؟ أنه التلذذ بترديد وترتيل كلام الله -عز وجل-، هذا القرآن الذي حفظته، والذي تهفو قلوب ملايين المسلمين إلى أن يحفظوه أو يحفظوا نصفه أو ربعه، قد حفظت القرآن -يا علي-، لكن ترى هل مع حفظك له حافظت عليه؟

ثانيا: الشهوة –أخي- لا تموت بالعادة، ولا ينطفئ سعارها بذلك، بل تزيدك اشتعالا بها وولعا لها، وحرصا عليها، وتسبب لك من الأمراض ما ذكرته، وما فاتك من أضرارها أشد وأنكى، وإننا ندعوك أن تدخل على موقعنا لتقرأ عن أضرارها وإدمانها، وكيف أن البعض ممن أدمن عليها وجد صعوبة بالغة حتى بعد الزواج، ولم يستطع أن يتكيف مع زوجته، بل أدى الأمر بالبعض إلى الطلاق -والعياذ بالله-.

ثالثا: ليس هناك داء إلا وله دواء، والنفوس –أخي- متغيرة، وتستطيع أن تتغير، وأن تنتقل من المستمتع بالحرام إلى المتلذذ بالحلال، ولكن ذلك لا يتم إلا بأمرين:
1- التوكل على الله، مع الإقبال عليه.
2- الثقة بنفسك، وبقدرتك على تغيير عاداتك.

رابعا: من وسائل الشيطان التي يضحك بها على الشباب، إيهامهم أن شهوتهم قوية، وأن الأمر عندهم لا يستطيعون الصبر عليه، وما من شاب -أخي الحبيب- راسلنا إلا وقال ذلك، هذا يفعله الشيطان مع الجميع؛ ليبرر لهم قبح ما يفعلوه، فانتبه -حفظك الله-!

خامسا: قبل الشروع في طرق التغيير، لا بد أولا أن تعلم حكم الاستمناء باليد؛ لأن معرفة الحكم فيها رادع قوي، قال الله –تعالى-:{والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.

قال ابن جرير: "وقوله: {فمن ابتغى وراء ذلك}، يقول: فمن التمس لفرجه مـنـكـحـا سوى زوجته وملك يمينه، {فأولئك هم العادون}، يقول: فهم العادون حدود الله ، المجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم" اهـ.

قال ابن القيم -رحمه الله- في الآية:
"وهذا يتضمن ثلاثة أمور:
من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين، وأنه من الملومين، ومن العادين، ففاته الفلاح، واستحق اسم العدوان، ووقع في اللوم؛ فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتـها أيسر من بعض ذلك" اهـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء، وهو أصح القولين في مذهب أحمد، وكذلك يعزر من فعله" اهـ.

خامسا: حتى تستطيع التغلب على ما أنت فيه، ننصحك بما يلي:

1- الاقناع الذاتي بأنك تقدر، فما لم يتم الاقتناع الداخلي، فإن العلاج سيكون ناقصا غير كامل.

2- زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل)، والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله -عز وجل-، واعلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}، فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس: كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأداها كما أمره الله، أعانه الله على شهوته.

3- اجتهد في الإكثار من الصيام، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

4- ابتعد عن الفراغ، عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم ألا تسلم نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.

5- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلم أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام أو السماعية عن طريق المحادثات أو أيا من تلك الوسائل، لا تطفئ الشهوة، بل تزيدها سعارا.

6- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة؛ فإن المرء قوي بإخوانه، ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف على إخوة صالحين، واجتهد أن تقضي معهم أوقاتا أكثر في الطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.

7- تجنب -أخي الحبيب- أن تجلس وحدك مطلقا، ولا تذهب إلى حاسوبك إلا والباب مفتوح تماما، ولا تخلد إلى النوم إلا وأنت مرهق تماما.

8- كثرة الدعاء بأن يصرف الله عنك الشر، فالدعاء سهم صائب، متى ما وافق القلب الصادق.

أخيرا: إذا فعلت ذلك، والتزمت طاعة الله -عز وجل-، ورأيت الخير في نفسك، ثم تعثرت خطاك، فلا تقل: تعثرت بعد أشهر قليلة، ولكن قل: نجحت أشهرا في التوقف، ومن نجح شهرا، ينجح عاما، وابدأ من جديد، وثق أن الله سيعينك، ولا تتوهم وجود بدائل أخرى تنتظر قدومها من السماء وأنت غارق في المعصية! فتلك وساوس الشيطان لك، فانهض –أخي-، واستعن بالله، ولا تعجز، وإنا ننتظر رسالة منك تفيدنا فيها بأخبارك، وتبشرنا بما آلت إليه أمورك.

نسأل الله أن يقوي إيمانك، وأن يحفظك من كل مكروه، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات