السؤال
بخصوص الاستشارة رقم (2260011): أخي غير متزوج، ويبلغ من العمر 17 سنة، وقد تحاورت مع أمي بهذا الشأن، فقالت لي: هذا طبعه، هو لا يطيقك، ربما يتغير مع الوقت. وقد حاولت أن أصلح ما بيننا مرارا حتى أصابني الملل، وجرحت كرامتي؛ لأنني في كل مرة أحاول التلطف إليه ولا أجد إلا التجاهل، وقد قال لي مرارا: لست بأختي ولا تربطنا أي صلة!
أنا أكبر منه، لي من العمر 19 سنة، وقد هجرني منذ خمس سنوات أو أكثر.
حينما كنت طفلة كنت أتشاجر معه كثيرا، ثم توقفت عن المشاجرة، ثم بدأ يهجرني بشكل تدريجي. البداية كان لا يود أن يجلس بجواري، ولكن كان يتحدث إلي بين الحين والحين. وعندما بلغ سن المراهقة هجرني بشكل نهائي، بالرغم من أننا نقيم في بيت واحد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نجدد الترحيب بك -أختنا- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يهدي أخاك لما يحبه ويرضاه.
وبخصوص ما تفضلت به، فالذي يظهر أن مشاجرات الصغر لا زالت مرتبطة بفكر الأخ، ولا زالت مصاحبة معه، وقد يكون السبب نفورا في الطباع كما قالت والدتك، وقد يكون هناك عوامل أخرى كشعوره في صغره بأنه الأضعف كونك الأكبر مثلا، أو بأن لك نصيرا ينصرك عليه حين الاعتداء؛ مما ولد عنده مثل هذا الشعور، وأيا ما كان الأمر، فإن هذا الحال سيتغير حتما، والزمن جزء من علاجه، لكنا ننصحك بما يلي:
1- قد قال أهل العلم: لا نملك لمن عصى الله فينا إلا أن نطيع الله فيه، أحسني إليه وإن أساء، وقدمي له الخير وإن قصرت به يداه، وقدمي له المعروف وتذكري أن الواصل ليس من يصل من وصله، ولكن الواصل من وصل من قطعه، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل -تطعمهم الرماد الحار- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
2- يجب أن تلعب الوالدة دورا في الإصلاح بينكما عن طريق معرفة الأسباب الكامنة فيه، والتي جعلت منه هذا الشخص الرافض لنداء فطرة الأخوة، ولا يتم ذلك إلا عن طريق الحوار بين الوالدة والأخ.
3- احرصي -أختنا- على إعطاء هدايا له بطريق غير مباشر، كأن تضعي الهدية في حجرته، أو تعطيها والدتك، ولا تهتمي برد الفعل الفاتر، افعلي ذلك ملتمسة الأجر من الله، واعلمي أن هذا سينعكس إيجابيا ولو بعد حين.
4- من المهم أن تصل له معلومات عن فضل صلة الرحم وعقوبة قاطعها، ولكن لا يكون هذا الوعظ بطريق مباشر، احرصي على أن تصل إليه تلك المعلومات عن طريق شيخ المسجد الذي يصلي فيه الجمعة، عن طريق قصة يتناولها أحد على الطعام، المهم أن لا يكون مباشرا.
5- من الأحاديث التي تحث على صلة الأرحام والتي يمكن توظيفها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري. وحديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه). رواه البخاري. وحديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله). رواه مسلم.
من الجميل أن يعلم أن صلة الرحم من أسباب دخول الجنة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام).
ويكفيه زجرا أن يعلم أن قاطع الرحم ملعون في كتاب الله، قال الله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}. سورة محمد:32-33. وهو كذلك من الفاسقين الخاسرين، قال الله تعالى: {وما يضل به إلا الفاسقين. الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون} البقرة:26-27. وتعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا، فعن أبي بكر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم).
هذه كلها وصايا نرجو أن تكون موضع اهتمامك، كما أنا ننصحك ألا تتعجلي النتائج، وأن تقومي بما مضى إرضاء لله عز وجل، وأن تكثري من الدعاء له.
نسأل الله أن يصلحه، وأن يصلح ما بينكما، والله المستعان.