السؤال
السلام عليكم
هل الوسواس القهري له علاقة بالعين، أو الحسد أو السحر؟
وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: قبل أن نجيبك لا بد ابتداء أن تكون على دراية بمعنى المصطلحات المذكورة، وعليه فإنا سنذكر لك باختصار تعريف مفردات تلك المصطلحات:
1- السحر هو: ما خفي ولطف سببه، وهو عبارة عن: ذكر أوراد وطلاسم يقوم بها الساحر تقربا إلى الشياطين والجن؛ لأجل الإضرار بالمسحور، والمؤمن الحق يعلم أن النافع الضار هو الله، قد قال تعالى: {وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله}.
2- الحسد: هو بغض النعمة من الحاسد على المحسود متمنيا زوالها منه، وقد ذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة:
الأولى: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، ولو لم تنتقل للحاسد.
الثانية: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها.
الثالثة: تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة: حسد الغبطة، ويسمى حسدا مجازا، وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل).
3- العين: وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة، وتخطئه تارة يقول ابن القيم في الزاد: "وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة".
وهناك مشتركات ومتفرقات بين العائن والحاسد كما ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد: "العائن والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه، وتتوجه نحو من يريد أذاه، فالعائن: تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته، والحاسد: يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا.
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده، من جماد، أو حيوان، أو زرع، أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه".
4- الوسواس القهري: معنى الوسواس أي الفكر المتسلط، ومعني القهري أي الجبري، وعليه فالوسواس القهري هو الأفكار الجبرية المتسلطة التي تحيط الإنسان وتفرض نفسها عليه.
ثانيا: بعد تحديد المصطلحات -أخي الحبيب- ظهر لكم الآن أن الوسواس مبتدأه ذاتي، بمعني أنه يقع من الإنسان، وليس له مؤثرات خارجية، وأما العين والحسد والسحر فالمبتدئ فيه مؤثرات خارجية، لكنه بعد أن يتحكم في الإنسان ساعتها تتشابك الأعراض.
ثالثا: لكل من الوسواس والعين والحسد والسحر علاج من الكتاب والسنة، فما خلق الله داء إلا خلق له دواء، وكم من أناس ابتلاهم الله بهذه الأمور مجتمعة أو متفرقة، فاقتربوا من الله، فصرف الله عنهم هذا البلاء.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.