السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتمنى الرد في أقرب وقت ممكن.
أريد ارتداء النقاب منذ أن كنت طالبة في الصف الثاني ثانوي، وأنا الآن طالبة في السنة الثانية من المرحلة الجامعية، لقد شاورت أهلي في أمر النقاب ولكنهم منعوني منه خاصة والدي؛ بسبب ما شاهده من الناس السيئة، ماذا أفعل؟ أنا أدعو الله كثيرا من أجل النقاب، ولا أدري ما العمل؟ هل أعصي والدي بارتداء النقاب وأجعله يغضب مني؟
لقد أسمعت أمي رأي أحد المشايخ الشباب، فقالت لي بأنها غير مقتنعة بكلامه وأنه غير صحيح، علما بأن كلامه فيه كلام عن السيدة عائشة - رضي الله عنها -.
ادعوا لي أن أرزق به عاجلا غير آجل، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زرقاء اليمامة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على طاعته، ونشكر لك اهتمامك بالقيام بفرائض الله تعالى، ونحن على ثقة من أن الله تعالى لا يضيع أجرك، فإن الإنسان في خير ما دام ينوي الخير ويعزم عليه، كما يحكى عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - أنه قال: (ما دمت تنوي الخير فأنت بخير)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك قد قال: (وإنما لكل امرئ ما نوى)، فمن عزم على الخير وأراده ثم حيل بينه وبينه فإن الله تعالى يكتبه له، كما دلت على ذلك النصوص النبوية.
أما فيما يخص النقاب فإن تغطية الوجه أمام الرجال الأجانب فرض على المرأة، كما دلت على ذلك نصوص القرآن والسنة، وهذا مما لا تلزم فيه طاعة الوالد إذا كان ينهى عنه بغير أمر معتبر شرعا، لأن طاعة الله تعالى مقدمة على طاعة الخلق، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن إذا كانت هناك مفاسد حقيقية من خروج المرأة مغطية وجهها، وكانت هذه المفاسد أضر عليها من خروجها كاشفة الوجه فإن الشريعة قائمة على دفع المفاسد الكبرى بارتكاب المفاسد الصغرى.
فنحن لا نستطيع أن نقدر المفسدة التي ستترتب على خروجك إن خرجت منتقبة أو مغطية وجهك، فإن كانت ثم مفاسد فإنه في هذه الحالة تطيعين والدك، وتخرجين كاشفة عن وجهك، وتفعلين ذلك بقدر الضرورة، وإذا تمكنت بعد ذلك من تغطية وجهك بلا مفسدة فعلت.
أما إذا لم تكن ثم مفاسد تتعرضين لها إذا ما التزمت الحكم الشرعي في تغطية الوجه، فالأمر كما قلنا لك: أنه أمر يجب فيه أن يطاع الله سبحانه وتعالى، فقد قال سبحانه: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
وإقناع الوالدين أمر سهل يسير - أيتها البنت الكريمة - بأن تترفقي بهما، وتذكري لهما أن في هذا طاعة لله تعالى، وأن أكثر الناس كما أخبر القرآن عنهم، يخالفون ما يريده الله تعالى، كما قال الله سبحانه وتعالى: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون}، {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}، {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، وقال سبحانه وتعالى: {ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن}، والنصوص في هذا المعنى كثيرة.
فحاولي أن تتلطفي بوالديك، وعليك أن تتأدبي معهما غاية الأدب، وأكثري من دعاء الله تعالى أن يجعل لك فرجا ومخرجا وييسر لك طاعته ويشرح صدر والديك بذلك.
أكثري من دعائه بصدق واضطرار، وتحري أوقات الإجابة، كالدعاء في السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي ثلث الليل الأخير، وحال الصوم، ونحو ذلك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يمن عليك بالصلاح والهداية، وأن يعينك على طاعته، ويأخذ بيدك إلى كل خير.