السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنني في حارة يوجد بها من يهوى المشاكل والإضرار بالآخرين، ويوجد بها أيضا من حصلت بيني وبينه بعض المشاكل، وآخر حدث هو يوم 24 ربيع الثاني 1425هـ بعد صلاة العصر، أحد سكان الحارة مع اثنين من الحارة المجاورة، كان يتحدث معهم بصوت منخفض، فلما رآني رفع صوته وكأنه يقصدني، فسلمت عليه فرد السلام متعجبا وكأنه لا يعرفني، وبعد صلاة العشاء كنت مع أحد سكان هذه الحارة أمام المسجد، فأتانا ثلاثة من سكان الحارة ومن ضمنهم ذاك الذي كان يتكلم بعد العصر مع اثنين من أصحابه، فسألني عن سبب السخرية منه بعد صلاة العصر أمام الناس، وقام الآخر وقال: إن فلانا من الناس قال لي أنك قلت عني أنني (كلمة مسيئة للأخلاق ومخلة بالآداب الإسلامية) وهي صفة سيئة، فأنكرت فبدأ يسب ويشتم بكلام بذيء وقبيح، فتضاربنا، وحاول الثالث أن يفصلنا عن بعض، وقام ذاك الرجل يلومني بشدة، ويهددني ويحذرني بأن لا أقرب صاحبه، ولا أتعرض له، مع العلم بأن بيوتهم متقابلة، فطلب مني أحدهم ألا أتعرض لفلان من أصحابهم، فوافقت بأن لا يعتدي علي بالكلام أو غيره فوافق.
وأنا الآن أشعر بالخوف والرهبة، وكلما تذكرت هذا الموقف يزيد خفقان قلبي، وأفكر في قتلهما، والشخص الذي أنا جاد في قتله هو من سلمت عليه بعد العصر؛ لأنه هو السبب، فهو يظهر أنني أنا الذي أخطأت عليه، وأنني سخرت منه، ويتكلم بوجه محترم أمامهم، ماذا أفعل مع هؤلاء؟
ملاحظة:
قد كنت أفكر نفس التفكير مع أحد طلاب فصلي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي الكريم! إذا كنت تعيش حياة الخوف، فإنك ستظل تعيش أسيرا حبيسا عبدا ذليلا له طوال حياتك، وتفني عمرك في الأوهام، ولن يكسر قيدك أو ينفك أسرك إلا إذا بادرت أنت بالانطلاق من قبضة هذا الخوف، فالقرار قرارك، حاول أن تواجه الخوف بقوة الإيمان ويقين الاعتقاد، فلا تحاول أن تقابل السيئة بالسيئة، ولكن قابل السيئة بالحسنة، واجعل نفسك من المحسنين الذين يحبهم الله ورسوله، والذين قال فيهم عز وجل: ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين))[آل عمران:134]، فلماذا تهتم بهذا الأمر وتجعل له حيزا كبيرا من تفكيرك؟ بل الأولى أن تبادر أنت بالعفو والسلام، وهذه قمة الإحسان عندما تعفو عمن ظلمك، والعفو عند المقدرة، وأريد أن أذكرك بقصة حدثت لمن هو أفضل مني ومنك مع من هو شر مني ومنك، عند فتح مكة جيء بالمشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة، فقال لهم رسول الله: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
انظر إلى سماحة الإسلام وعظم أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، بالرغم من الأذى والتشريد والقتل، سامحهم وبين لهم أن سماحة الإسلام وعفو الإسلام وأخلاق الإسلام أكبر من الحقد والظغينة والحسد ورد السيئة بالسيئة، وهذا درس لي ولك أخي الفاضل، والأمر لا يحتاج لأن تقلق وتعيش في توتر، واجعل شعارك دائما هو العفو والسماح، حتى وإن كنت تقدر، وانتهج الطريق الربانية منهجا وسلوكا؛ حتى تعيش سعيدا في الدنيا والآخرة.
واعلم أننا بشر تعترينا لحظات ضعف أمام أنفسنا فنغتر ونعجب ونسكن إليها، فلا نترك لها القارب فتقودنا إلى الهلاك، واعلم أن الشيطان يستغل مثل هذه الفرص ليحاول أن يفرق بين الأخ وأخيه، فلا تترك للنفس والهوى والشيطان مجالا للعبث، وأنت تستطيع أن تتغلب على التوتر والخوف، وتحرر نفسك من أفكار الماضي وسجنه، وتذكر دائما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق).
بادر بزيادة الحب والأخوة لصديقك، واترك عنك الظغينة والحقد والثأر، واتهم نفسك أنك أنت المقصر، وحاول أن تبعد كل من يريد أن يفرق بينكما، ولا تستمع لكلام أحد، واحمل كلامه وتصرفاته على المحمل الحسن، وإن صدر منه شيء لا يرضيك كلمه على انفراد، وانصحه بطريقة مهذبة، ولا تفكر برد الفعل مثله، واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن.
حاول أن يكون شعارك الابتسامة مع الجميع، فالابتسامة علاج فعلي تستطيع أن ترد به شر الآخرين، وتعلم فن الابتسامة والكلمة الطيبة التي تصدر من القلب لا تريد بها سوى وجه الله، وبهذا الأسلوب تستطيع أن تكسب ود وحب الآخرين لك، ولنا في المعلم القائد صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل الأعلى.
وبالله التوفيق.