السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة جامعية أدرس الرياضيات، وقد فشلت بها كثيرا، وأجلت دراستي لفترة معينة عندما كنت أعاني من أفكار وسواسية كانت تراودني وأنا في الجامعة، وكنت أخاف من مواجهة الناس والخروج لهم، ثم عدت لدراستي بعد تجاوزت تلك الوساوس بالتفكير الإيجابي، والالتزام الديني.
ولكن بعد عودتي لمقاعد الدراسة، جاءتني أفكار ووساوس أعظم من السابق، فأصبحت أرفض الواقع، وتراودني أفكار غريبة مثل: ما هي الدنيا، ومن هو الله، ولماذا نعيش ونهايتنا سوف تكون الموت، لماذا خلقنا؟ ولماذا لا نرى ربنا، وكيف أتينا لهذه الدنيا؟ ولماذا هؤلاء أهلي، وأحيانا أتلفظ بألفاظ بذيئة، وأخاف أن أخرج للناس، وأرغب بالصراخ.
أفكار وأسئلة غريبة تراودني عندما يزيد علي الضغط النفسي، فأقاومها وأهرب منها بالنوم، ولكنها سرعان ما تعود لي بعد الاستيقاظ من النوم، مع العلم أن أخي مصاب بالفصام، وأبي لا يصلي، وعندما يسمع الأذان يقول: (نهق الحمار)، إلى غير الكلام البذيء الذي نسمعه منه أحيانا، فأصبحت أخاف أن أصبح مثلهم، أم هل أصبحت مثلهم؟
أصبحت لا أستطيع العيش، فأرجو المساعدة، وكتابه حل لمشكلتي، والأدوية اللازمة، لأنني لا أستطيع الذهاب لدكتور نفسي، فأهلي أناس ليسوا متفهمين، فعندما أختنق وأبكي يأخذونني لشخص يقرأ علي القرءان، وبسببه صرت أخاف من سماع القرءان، والآن أحاول أن أبدو طبيعية لكي لا يثقلوا علي بتحليلاتهم، وكلما أتذكر شخصيتي السابقة، وكيف كانت أحلامي الجميلة فإنني أبكي وأقارن نفسي بالآخرين، فلماذا لا يعانون معاناتي ويفكرون مثلي، وأصبح حلمي الآن هو التخلص من هذه الوساوس فقط، كما أنني أصبحت أعاني من فقر الدم ونقص فيتامين د، فهل من علاج لحالتي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شوق حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فبالفعل ما تعانين منه -أيتها الفاضلة الكريمة- هي وساوس قهرية، ويعرف أن الوساوس ذات المحتوى الديني كثيرة، وهي قطعا مؤلمة للنفس المؤمنة اللطيفة.
فيا -أيتها الفاضلة الكريمة-: اقتدي بما نصحنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع مثل هذه الوساوس، الوساوس التي فيها تطاول على الذات الإلهية، هذه يتعامل الإنسان معها من خلال التحقير، وألا يناقشها أبدا، وقد ورد في الحديث الشريف: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك. فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) وفي رواية قال -صلى الله عليه وسلم-: (لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله).
فالانتهاء عن الوساوس يحتم ألا نناقشها، ولا نحاورها، وهذا النوع من الوساوس -أيتها الفاضلة الكريمة- هو دليل خير -إن شاء الله- وينبهنا دائما أن الشيطان بالفعل يترصد للإنسان؛ لذا فإن الإكثار من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والإكثار من الاستغفار، وصرف الانتباه من خلال تحقير الوساوس، هذا أمر مهم جدا، وأن تقومي بفعل الضد، وكل ما تحاول أن تمليه عليك الوساوس قومي بضده، في بداية الأمر سوف تجدين بعض المعاناة، لكن بعد ذلك سوف يسهل الأمر كثيرا.
بالنسبة لأخيك: أسأل الله له العافية والشفاء، وأرجو أن يتابع مع الطبيب؛ حيث إن المتابعة والالتزام بالعلاج هي من أهم الأسس التي تؤدي إلى علاج مرض الفصام، وأما والدك فسل الله تعالى له الهداية، فالكلام الذي يقوله كلام خطير، وقطعا مؤلم لك ولمن حولك، فسل الله له الهداية، وإن كان بالإمكان أن يتحدث معه أحد إخوانه أو المشايخ الموجودين في منطقتكم لينبهه إلى أهمية الصلاة، وقيمتها في حياتنا.
بالنسبة لك: نعم العلاج الدوائي -إن شاء الله تعالى- سوف يساعدك كثيرا جدا، وهذه بشرى حقيقة؛ لأن الأدوية الحديثة بالفعل تفتت الوساوس، وساعدت الناس كثيرا في أن يتجاوزوها، ويعيشوا حياة طيبة هادئة دون وسوسة، فعقار (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، سيكون الأنسب في حالتك، والبروزاك هو الاسم التجاري الشهير لهذا الدواء، ولكن ربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى في المنطقة التي تعيشين فيها، المهم تأكدي من الاسم العلمي وهو (فلوكستين)، فالجرعة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، تناوليها لمدة أسبوعين بعد الأكل، ثم بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم (أي أربعين مليجراما)، وهذه هي الجرعة العلاجية، وفي مثل حالتك يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك اجعلي الجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم اجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.