الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عائلتي لا يصلون ويستهزئون بالدين، فكيف أدعوهم إلى الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة، بعمر 19 سنة، وأدرس الطب -والحمد لله-، فقط منذ سنتين بدأت بأداء الصلاة والصوم، وحفظ القرآن، فأنا أعيش في مجتمع لا يقيمون فيه الصلاة، ولا يصومون، ويشربون الخمر، ولقد تعلمت الصلاة لوحدي من اليوتيوب، ولم أجد ملابس للصلاة، فقمت بإحضار قطعة قماش، وصنعت ملابس الصلاة بنفسي، حتى إني عندما أصلي أقفل باب غرفتي كي لا يراني أحد؛ لأنهم يستهزئون من أي شيء له علاقة بالدين.

لدي مشكلة واحدة، أنني أفكر بأهلي، بأمي وأبي، فهم لا يصلون، ولا يصومون، إنني خائفة عليهم من غضب الله ونار جهنم، أريد لهم الهدى والجنة، ولكن لا أعرف كيف؟ لا أستطيع أن أتكلم معهم بمواضيع الصلاة والصوم، فهم يسخرون مني، ويقولون لي: "جعلت نفسك شيخة للتعليم"!

أقوم بكل الطاعات والعبادات بالخفاء، دون أن يعرف أحد، كما أني أريد وبشدة أن أتحجب، ولكنهم مجتمع يكره الحجاب، ويسخرون منه، لا أعرف كيف يسمون أنفسهم مسلمين؟!

أرجوكم ساعدوني، أريد الجنة والهدى، لي ولأمي وأبي، لا أريد أن يغضب الله علي وعليهم.

أرجوكم أريد حلاً، أريد منكم النصيحة، الرجاء ساعدوني، وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: إننا نحمد الله إليك تلك الهداية والصلاح، ونحمد الله أن وفقك لهذا الخير، فما أجمل الحياة في ظل الطاعة، وما أطيب النفس التي أقبلت على الله واستسلمت له، نحمد الله إليك هذا الفضل، ونسأله أن يثبتك على الحق حتى الممات، فالحياة مهما طالت قصيرة، والآخرة خير لمن اتقى، وما من شيء ينفع الإنسان في حياته وبعد موته إلا العمل الصالح.

ثانيًا: المسلم مطالب بإظهار شعائر دينه دون خجل أو خوف، والغمز واللمز الحاصل من البعض أمر قديم عرفه الصالحون وسجله القرآن: (وإذا مروا بهم يتغامزون)، وقد علمنا القرآن والسنة أن العبد مأجور على الصبر، وأن الله عز وجل سيعوضه عليه خيرًا، وعليه: فلا يجوز لك شرعًا وأنت المسلمة المتدينة أن تظهري شعرك أمام غير المحارم، أو تظهري ما حرم الله تعالى ظهوره بأي دعوى، حتى لو غمزك البعض، احتسبي هذا عند الله، وثقي أن الله سيعوضك عليه الخير، بل ربما يكون في إظهارك تلك الشعائر، من الحفاظ على الحجاب أو الصلاة الطبيعية دعوة للغير، خاصة من أولئك المترددين الذي يريدون الخير، ويخافون من عاقبته، وأنت تعلمين -أختنا- أن الله لو هدى على يديك واحدة فقط، خير لك من مال الدنيا كله، بل وأضحى كل عمل صالح تعمله تؤجر هي ومن دلها على ذلك، وكل طاعة تقوم بها في ميزان حسناتها وحسناتك، ولك مثل أجرها.

ثالثًا: لا تظهري أي انزعاج من غمز بعضهم لك، بل تجاهليه كأن لم يحدث، وتعاملي مع الجميع بثقة وعدم خوف أو تردد، واعلمي أن الله راض عنك، وأنت له طائعة، بل كوني على يقين بأن أكثر من يغمزونك يتمنون أن لو كانوا مثلك، لكن الله يختار لهدايته من يشاء من عباده.

رابعًا: قد أحسنت حين فكرت في والديك، وإننا ندعوك إلى الإحسان إليهم، ودعوتهم للصلاة والصيام والطاعة، ولكن بأسلوب حسن وموعظة يسيرة، وشفقة بادية، وحرص بيِّن، وصبر طويل، ودعاء متواصل.

اعلمي -أختنا- أنك متى ما سرت في هذا الطريق معهم، ولم تتأثري بما يقوله البعض، وثبت على طاعة مولاك، واستمررت في الموعظة، فقد أديت ما عليك تجاه والديك، ولن يخيب الله رجاءك، المهم الصبر وحسن الموعظة.

أخيرًا نوصيك -أختنا- بما يلي:
1- الاجتهاد في البحث عن بعض الأخوات الصالحات، فإن هذا مما يقويك ويعينك.
2- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والاستعانة بورد ثابت من قراءة القرآن يوميًا، ولو كان بسيطًا.
3- كثرة الدعاء أن يثبتك الله، وأن يهدي والديك.
4- الاستماع إلى بعض المحاضرات الدعوية التي تثبتك على الطاعة.
5- الإحسان إلى أبويك قدر الاستطاعة، وربط هذا البر بالتدين، حتى يعلموا الفارق بين بر المتدين وعقوق غيره.

نسأل الله الكريم أن يثبتك على الحق، وموقعنا (إسلام ويب) في متناولك، فراسلينا متى شئت، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً