السؤال
السلام عليكم.
عندي سؤال يحيرني ومشتت أفكاري حتى دينيا.
أنا فتاة تعديت الثلاثينات ولم أتزوج، تقدم إلي الخطاب لكني لم أقبلهم ولم أرهم مناسبين، فهل رفضي للبعض وترددي للبعض هو ما ضيع نصيبي بالزواج؟ وهل هو عقاب من الله؟ لأني رفضت.
أرجوكم أصدقوني القول: هل أنا من ضيعت نفسي بيدي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فأحب أن أبين لك أمرا قبل أن ندخل في كلامك، بين لنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) فالمقادير هي ما قدره الله تبارك وتعالى في هذا الكون، سواء كان في العالم العلوي أو في العالم السفلي، فكل شيء أراده الله تبارك وتعالى قد كتبه القلم في اللوح، ولذلك كما ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (أول ما خلق الله: القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب إن رحمتي سبقت غضبي).
فإذا هنا القلم كتب كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، ومن هذه الأشياء التي كتبها القلم أعمار الناس، وأرزاق الناس، وصحة الناس، وجمال الناس، وأماكن تواجدهم، حتى الأعمال والوظائف والحرف، حتى الطول، حتى العرض، حتى الأزواج، فكل ذلك قد كتبه القلم وانتهى منه.
إذا كل شيء قد رتبه الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق أي مخلوق، فمن هذه الأشياء الزواج، والزواج قدره الله تبارك وتعالى، فلا يمكن أبدا لأي رجل أن يتزوج امرأة هي ليست له في قدر الله تعالى، كذلك لا يمكن لأي امرأة أن تتزوج رجلا ليس من نصيبها في علم الله عز وجل.
ولذلك هذا التأخير الذي حدث مما لا شك فيه أن رفضك لهؤلاء المتقدمين لك لعب دورا في هذه المسألة، ولكنه لعب دورا في تحقيق شرع الله تعالى، وما زال نصيبك لم يأتك بعد، والذين رفضتيهم قد لا يصلحون، ومن حقك فعلا أن ترفضي من ليس لك كفئا أو مناسبا، هذا حق شرعي للفتاة وحق شرعي لأسرتها، فقد توافق الفتاة على رجل ولكن ترى أسرتها أنه لا يصلح وليس مناسبا لهم، والعكس، قد توافق الأسرة على إنسان وترى الفتاة أنه غير مناسب، فمن حقها أن تعتذر لأهلها.
فإذا أقول - بارك الله فيك – لا ينبغي أن تجلدي نفسك أكثر من اللازم، وإنما كل الذي عليك الآن أنه إذا تقدم لك أحد أن تستخيري الله تبارك وتعالى عليه، فإن شرح الله صدرك فتوكلي على الله، وإن قدر الله على خلاف ذلك فالأمر بيد الله تبارك وتعالى، وليس من نصيبك.
ولكن عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يرزقك الله زوجا صالحا، لأنك مما لا شك فيه قد تقدم سنك إلى حد ما، وأنت في حاجة إلى رجل يقينا، لأنك في جميع الأحوال حتى وإن كنت رئيسة دولة من الدول أنت أنثى تحتاجين إلى النصف الثاني الذي يكمل حياتك، والرجل كذلك يحتاج إلى النصف الثاني الذي يكمل حياته.
لذا أقول - بارك الله فيك – عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمن عليك بزوج صالح مناسب، واجتهدي في ذلك.
ومن الممكن أن تصومي الاثنين والخميس؛ لأن دعاء الصائم لا يرد، وتجتهدي في الدعاء وأنت صائمة.
كذلك من الممكن أن تقومي الليل وفي جوف الليل أو في الثلث الأخير من الليل، خاصة وأنت ساجدة تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء.
ومن الممكن أن تتصدقي بنية أن الله تبارك وتعالى يفرج كربك، كما أنصحك بالاستغفار، والإكثار من قول (حسبنا الله ونعم الوكيل) والإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) والإكثار من قول (الله الله ربي لا أشرك به شيئا) ومن قول: (لا إله الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم) والإكثار من قول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، والإكثار من قول: (وارزقنا وأنت خير الرزاقين) كل ذلك بنية قضاء الحاجة.
كذلك الإكثار من الصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم –بنية قضاء الحاجة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال للصحابي الذي قال له: أأجعل لك صلاتي كلها؟ قال: (إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك).
فإذا كل ما أهمك يكفيه الله ويقضيه لك ببركة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – فاجتهدي في ذلك، واطلبي من والديك الدعاء لك، لأن دعاء الوالدين مستجاب، واطلبي من الصالحين والصالحات الدعاء لك، واعلمي أن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، فاتقي الله وتذكري قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.