الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرضا بأقدار الله، بداية الطريق للراحة النفسية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 27 عامًا، ولم أستقر في عمل حتى الآن ولم أتزوج، كل من يتقدم لي إما يرفضني، أو أرفضه، مثل شخص يعمل في البنك، وكنت أحب شابًا لسنوات، لكنه بعد تخرجي اختفى من حياتي ولم يتقدم لخطبتي.

بعدها، صنت نفسي تمامًا، لا أحادث الشباب، وأقضي وقتي في التسبيح، وقراءة القرآن، وأصلي بالليل، وأقرأ الكتب، وأتابع دورات في تخصصي لأطور نفسي، وأبحث عن عمل.

لكنني أعاني من تعب نفسي شديد، أخاف من الفشل، وأرى نفسي فاشلة في كل شيء، الفتيات من حولي لباسهن أقل حشمة مني، ويحادثن شبابًا، ويتزوجن بعد التخرج، بل إنهن يتعرفن في الجامعة على شباب يحبونهم، ثم يخططون للزواج ويتزوجن بعد التخرج، أما أنا فأصون نفسي، لكنني لم أتزوج ولم أستقر في عمل، رغم اجتهادي وكفاءتي.

أشعر أن حياتي خراب، وأحيانًا يهتز إيماني، وأسأل: لماذا أنا هكذا؟ أدعو الله كثيرًا، لكنني تعبت جدًا، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يزيدك إيمانًا وثقةً وخيرًا، وأن يُلهمك السداد والرشاد، ونحب أن نبشرك بأن ما عندك من رزقٍ هو الأفضل، قال تعالى: {ورزق ربك خيرٌ وأبقى}، ورزق ربك يعني من الدّين والصلاة والصلاح، هذا رزقٌ عظيم.

فأنت -ولله الحمد- إذا كنت تقضين الوقت بالتسبيح والقرآن، وصلاة الليل، والقراءة النافعة من الكتب، والدخول للدورات النافعة، والسعي في تطوير النفس، فأنت على خير كثير، فاستمري في الدعاء، ولا تتوقفي عن اللجوء لرب الأرض والسماء، وحذارِ أن تتوقفي استجابةً لعدوّنا الشيطان، ولك البشرى من النبي -صلى الله عليه وسلم- من أنه ما من مسلمٍ يدعو الله بدعوةٍ، إلَّا أعطاه الله بها إحدى ثلاث:
- إمَّا أن يستجيب الله دعوته.
- وإمَّا أن يدّخر له من الأجر والثواب مثلُها.
- وإمَّا أن يصرف عنه من البلايا والمصائب النازلة مثلُها.

وفي الحديث الثاني: "يُستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثمٍ أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل"، قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: "يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ، فلم أرَ يُسْتجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء".

لذلك استمري في بذل الأسباب، وفي التوجه إلى رب الأرض والسماوات، ولا تُقارني نفسك بالأخريات، واعلمي أن مَن بدأت حياتها بالمعصية والتجاوزات، واستمرت عليها، لا يمكن أن تسعد في حياتها، وكيف يسعد مَن يعصي ربه تبارك وتعالى، وما كلُّ متزوجة سعيدة، ولا كل غير متزوجة سعيدة، فإن السعيد هو الذي يرضى بما يُقدّره الله تبارك وتعالى، واعلمي أن لكل أجلٍ كتاب، وسيأتي اليوم الذي يقف في طريقك، ويسعد بك وتسعدين به، مَن يسوقه الله تبارك وتعالى إليك، فالكون هذا مِلْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله.

واعلمي أن تأخُّر هذه الأمور لحكم عظيمة، منها أن الإنسان يستمر في اللجوء والتقرُّب إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن الله يحب من عبده أن يتضرع إليه بالدعاء، والعاقلة حتى بعد أن يستجيب الله لطلبها، تحوّل دعاءها إلى شُكرٍ وثناءٍ ومدحٍ، وارتباطٍ بالله تبارك وتعالى، فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مِثْلُك لا يخاف، لأن الذي يخاف هو الذي يُقصّر في طاعته لله تبارك وتعالى، أمَّا الأرزاق فقد ضمنها الله تبارك وتعالى، وقد خلقنا لعبادته وطاعته، وسوف يأتيك ما قدّر الله لك، فكوني ممَّن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وكوني من المحسنين، لقوله تعالى: {إن الله يُحب المحسنين}، واحرصي على كل خيرٍ ينفعك، واستعيني بالله، ولا تعجزي، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً