السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أحب والدي كثيرا، وحدثت مشكلة بيني وبينه فرفعت صوتي عليه من دون قصد، فغضب أبي كثيرا، وقال لي: "الله يغضب عليك"، كلامه كان في لحظة غضب من دون قصد.
أنا الآن لا أتكلم مع أبي منذ سمعت تلك الكلمة، ولن أتكلم معه إلا إذا سمعته يقول: "الله يرضى عليك".
ماذا أفعل حتى يرضى أبي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تمارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يصلح ما بينك وبين والدك، وأن يرزقك رضاه، وأن يعينك على بره، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-، فإني أعجب من أمرك، ترفعين صوتك على أبيك، وهذه معصية عظيمة حقا، لأنه مما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا ترفع صوتك فوق صوته، ولا تناديه باسمه، ولا تمشي أمامه، ولا تجلس قبله)، إلى غير ذلك من الأمور التي جاءت في هذه السنة العظيمة التي تعلمنا القيم والمبادئ والأخلاق، والله تبارك وتعالى جل جلاله يقول: {فلا تقل لهما أف}، ويذكر أهل العلم أنه لو أن هناك عبارة أقل من هذه الكلمة لنهى الله تبارك وتعالى عنها.
قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا * إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}، وقال تعال: {أن شكر لي والديك}، وقال تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.
هذه حقوق، هذه حقوق شرعية نص عليها القرآن الكريم -أختي الكريمة الفاضلة-، ليست مجالا للأخذ أو الرد أو النقاش أو الحوار، ولذلك رفعت صوتك فوق صوته، ولم تكوني قاصدة، وغضب عليك، الواجب عليك أن تعتذري له، أما أن تقولي: (لن أتكلم معه إلا إذا سمعت كلمة الله يرضى عليك)، هذا كلام خطأ، لأنه الأولى بك، أنت الابنة وهو الأب، وأنت صغيرة وهو كبير، وهو في مقام عظيم بالنسبة لك شرعا، فينبغي عليك إن أردت أن يرضى عنك أن تعتذري له، وأن تقبلي يده، وأن تقبلي رأسه، وأن تقبلي قدمه، وأن تقبلي نعله حتى يرضى عنك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (رضا الله من رضا الوالدين، وسخط الله من سخطهما)، فإذا غضب عليك والدك غضب عليك ملك السموات والأرض جل جلاله، ولن تري خيرا في الدنيا ولا في الآخرة.
ولذلك عليك أن تعجلي وبسرعة بالاعتذار الشديد له كما ذكرت، تعتذري له اعتذارا شديدا، وتطلبي سماحه وعفوه، ولا تقولي لي: (لن أتكلم معه إذا سمعت كذا وكذا)، هذا غلط، هذا خطأ، هذا غير شرعي، هذا جرم، وإنما يجب عليك -بارك الله فيك- أن تعتذري لأبيك حتى يرضى عنك، ثم بعد ذلك هو حر إن شاء دعا لك أو لم يدع لك، هذا أمر يرجع إليه.
اجتهدي -يا بنيتي- وأسرعي، أسرعي ولا تتأخري، مخافة أن يموت –لا قدر الله–، فيموت وهو عليك غضبان، فتكونين عرضة لعقاب الله تعالى في الدنيا والآخرة، وقد يبتليك الله تعالى بولد يتعامل معك كما تتعاملين مع أبيك، كما ورد في الأثر: (بروا آبائكم تبركم أبناؤكم).
فيجب عليك أن تعجلي في استسماح الوالد، وطلب عفوه وسماحه، والاعتذار له، وسؤاله المغفرة، وأن تقبلي يده ورجله ورأسه، وأن تسأليه أن يغفر لك وأن يرضى عنك، أسأل الله أن يشرح صدره لذلك، وأسأل الله أن يعينك على معاملتك ووالدتك وكل من تتعاملين معه بأخلاق الإسلام، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.