السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب تزوجت منذ فترة ليست بالطويلة، أعيش أنا وزوجتي وتعيش معنا أمي، إلا أن هناك مشاكل بين زوجتي وأمي، فقد كانت أمي تعيش معي قبل أن أتزوج، وبعد زواجي رأيت تغيرا كبيرا في شخصية والدتي، فقد بدأت تثور علي لأتفه الأسباب، وتتهم زوجتي بأشياء هي بريئة منها، وصارت تحقد على زوجتي التي تواجه إساءة أمي لها بالبكاء والصمت، وأصبحت حائرا في كيفية التعامل مع أمي التي أحبها ولا أريد أن أكون عاصيا لها، في الوقت ذاته أحب المحافظة على زوجتي التي لم تعد تتحمل تصرفات أمي القاسية تجاهها، فأرجو منكم مساعدتي في هذه المشكلة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يرزقنا وإياك السداد والرشاد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن هذه الشريعة العظيمة تأمرك بالبر والإحسان لوالدتك، وتنهاك عن ظلم زوجتك، وهذا امتحان واختبار نسأل الله أن يسددك ويوفقك.
وطبعا الوالدة تشعر أن هذه الزوجة جاءت لتشاركها في حب ولدها وفي جيبه، وهذا هو الذي يشعل نيران الغيرة والنفرة، خاصة إذا لم ينته الرجل عن تصرفاته بعد الزواج، فلا ينبغي أن يظهر الاهتمام الزائد بزوجته أمام الوالدة، وليس من الاحترام تقديم الزوجة في العطايا والهدايا على الأم؛ لأن أولى الناس بالرجل أمه وأولى الناس بالمرأة زوجها.
وأرجو أن تفهم هذه الزوجة الطيبة أن منزلتها تزداد عندك بصبرها على هذه الأم التي هي مثل أمها ولها فضل عليها، فهي التي جاءت بهذا الزوج، والشريعة تأمرنا جميعا باحترام الكبير.
وأنت أيضا ينبغي أن يزداد اهتمامك بالوالدة بعد الزواج؛ حتى لا تشعر أنها أصبحت في درجة ثانية، فإذا ركبتم في السيارة فاجعل المقعد الأمامي من نصيب الوالدة، وإذا أحضرتم الطعام فاجعل أطيبه للوالدة، ومعلوم أنها لا تأكل الأطيب وتترك لكم ما سواه، ولكنها سوف تشعر باحترامكم وبركم بها، والصواب أن تصبر الزوجة على الأذى وهي مأجورة عند الله، ويجب أن تجد عندك الود والمكافأة على صبرها، وهي تشكر على صمتها؛ فهو دليل على حسن خلقها، وعليك بملاطفة هذه الوالدة، ولا تنتقد تصرفاتها، خاصة في حضور زوجتك، واجعل زوجتك تشعر دائما بأنك تقدرها وتحس بآلامها، ولن تطول هذه المشكلة إذا غيرتم طريقة التعامل مع الوالدة وزدتم جرعات الاهتمام بها، ومن الضروري كذلك تجنب الأسباب التي تؤدي إلى غضب هذه الأم، وإذا حصل منك تقصير فاعترف بذلك، واطلب من الوالدة العفو والمسامحة حتى لا تتهم الزوجة البريئة بأنها السبب في التقصير في حقها، وانقل للوالدة مشاعر زوجتك الطيبة تجاهها وحبها لها، حتى تتغير الصورة الذهنية عندها، وذكر الأم والزوجة بالله سبحانه، وبعقوبة الظلم والظالمين دون أن تشير بأصابع الاتهام لأي طرف، وقلل فرص التلاقي والاحتكاك، وعالج مواطن الخصام، وأكثر من لزوم المنزل، لتقف على الأمور بنفسك وتعالج الأخطاء في وقتها؛ لأن تراكم المشاكل يؤدي إلى الانفجار، وقبل هذا كله عليك بالتوجه إلى الله، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، واحرص على طاعة الله، فما صلحت البيوت بمثل الطاعة لله والمسارعة في مرضاته، واعلم أن للمعاصي شؤمها وآثارها على حياتنا وبيوتنا، فعليك بالاستغفار والتوبة والإنابة، واشغل أهل بيتك بالمفيد، فإن هذه النفوس إذا لم تشغلها بالحق شغلتنا بالباطل، وإذا كان هناك من يحرض الوالدة من الشريرات فعليك بعزلها عنهم، وبلطف دون أن تشعر أنك تتدخل في أمورها الخاصة.
وبالله التوفيق.