السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة والسلام على أشرف الخلق، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أنا أحب شخصا مدخنا وأريد أن أساعده؛ ليترك الدخان بأي طريقة، ما الأسلوب أو الكلام المناسب لأنقله إليه حتى يقتنع؟ لأن الكلام يجيء بنتيجة إذا كان مقنعا.
أرجو المساعدة، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجزيك عن هذا الأخ وغيره خير الجزاء، وأن يجعلك من الصالحات القانتات الداعيات إليه على بصيرة، وأن يحفظك في هذه البلاد، وأن يجعلك سببا لدخول أهلها في الإسلام، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأنا لست معك، واسمحي لي عند كلمة (أنا أحب شخصا مدخنا) هل هذا الأخ من أرحامك؟ أم أنه ليس من أرحامك؟ بمعنى أنه إذا كان أخا من إخوانك، أو إذا كان من أرحامك كأن يكون عما أو خالا، أو يكون أخا لك من الرضاعة مثلا، أو أن يكون أخا شقيقا أو غير شقيق، فهؤلاء هم أرحامك، الذين يجوز لك فعلا أن تحبينهم بلا حرج، على اعتبار أن هذه فطرة فطر الله الناس عليها، فالله تبارك وتعالى جبلنا على محبة أقرب الناس إلينا كالوالدين والإخوة والأخوات.
أما أن يكون شخصا عاديا ليس بينك وبينه أي صلة قرابة فقضية الحب هذه محل نظر؛ لأن الحب هذا عبادة، ولا ينبغي لنا أن نسرف في استعماله، أو أن نستعمله خارج الإطار الشرعي الذي حدده الله تبارك وتعالى، وهذا الحب إذا كان لشخص عادي وليس بينك وبينه شيء أتمنى أن تعيدي النظر فيه، ليس هناك من سبيل لحب امرأة أجنبية لرجل أجنبي إلا الزواج الشرعي، فإذا كان هذا زوجك أو عقد عليك عقدا شرعيا فمن حقك أن تحبيه، وهذا أمر طبيعي، وأن يحبك أيضا فهذا أمر مألوف.
أما أن يكون شخصا عاديا بينك وبينه نوع من الراحة النفسية، والكلام والصداقة، فالإسلام –يا بنيتي– لا يعرف هذا النوع من العلاقات مطلقا، ولذلك إذا كان ليس لك بمحرم –كما ذكرت– من أرحامك، وليس لك زوجا فأتمنى أن تعلمي أن هذا ليس من حقك الآن أن تتكلمي معه في أي قضية أو غيرها، لأن هذا الكلام سيؤدي –يا بنيتي– إلى أشياء أخرى، والإسلام علمنا أن نسد الذرائع، وأن سد الذرائع مقدم على جلب المصالح.
نعم تركه للتدخين أمر عظيم، ولكن وقوعك معه في الحرام أمر أعظم؛ لأن التدخين في جميع الأحوال هو الذي يتحمل وزره بنفسه، أما أنت لماذا تورطين نفسك في علاقة تخسرين فيها دينك ودنياك؟! هذه العلاقة قد تكون بريئة في أولها –وأنا لا أتهمك بشيء معاذ الله– ولكن الشيطان –لعنه الله تعالى– قعد لابن آدم بأطرقه كلها، ونبيك المصطفى الذي تحبينه أخبرنا بقوله: (ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما)، فلا تتصوري أبدا أن كل مرة تلتقيان فيها تمر على خير، على الأقل قد يمسك يدك، ثم بعد ذلك قد يزيد الأمر على ذلك، وقد تصل إلى أمور أنت في غنى عنها وأنت لا تحبينها ولا تفكرين فيها، ولكن الشيطان له خطوات يتتبعها للإيقاع بفريسته، ففي أول الأمر تكون علاقة بريئة وصداقة بريئة ونزيهة ولا يحدث الكلام في أي شيء، ثم بعد ذلك تفاجئين بأن الأمر قد انقلب رأسا على عقب وأصبح شيئا يهتز منه العرش.
ولذلك أقول: إذا لم يكن من أرحامك –كما ذكرت– وليس لك بزوج، فأرجو أن تصرفي النظر عن هذا الأمر، أما إذا كان من أرحامك أو إذا كان لك زوجا وأنت تريدين فعلا أن تخلصيه من هذا الأمر فإن الأمر سهل -بإذن الله تعالى- سهل ميسور.
أولا: يحتاج الأمر إلى إرادة وعزيمة من الشخص نفسه، إذا كان جادا صادقا، هو الذي أخذ قرارا بالتدخين أولا، وإذا قال: (أنا لا أستطيع) نقول له: هذا كذب، لماذا أخذت قرارا بالتدخين؟ الذي يأخذ قرار التدخين قادر على أن يأخذ قرار الإقلاع عن التدخين، ولكن على الأقل من الممكن أن نتدرج معه، ممكن أن يذهب لبعض العيادات التي تعالج المدمنين وتعالج المدخنين، وهذا أمر سهل جدا، لأنهم يساعدونه مساعدة عظيمة جدا للغاية، ويقدمون له بعض المواد الطبية التي تساعده على التخلص من هذا الأمر، ثم بعد ذلك يلتزم بالمحافظة على الصلوات مع جماعة المسلمين، لأنه بذلك سيحرص على أن تكون رائحة فمه طيبة، ثم ينظر بعد ذلك إلى ما يترتب على التدخين، وهو أن التدخين سيترتب عليه معصية الله وتعالى وغضبه، ويترتب عليه أن الله تبارك وتعالى يمقته؛ لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
واسأليه: هل أنت عندما تدخن تسمي الله تبارك وتعالى في أول التدخين؟ لأن الشيء الطيب يسمي عليه الإنسان، أما إذا كان شيئا خبيثا فإنه لا يسمي عليه ولا يمدحه، ولا يحمد الله تبارك وتعالى على تعاطيه.
الأمر الثاني: أن هذا التدخين هل سيترتب عليه فائدة صحية بالنسبة له؟ هل قرأ عن فائدة التدخين صحيا، لعله اطلع على فائدة فيه ونحن لا نعلم، بل ثبت أن التدخين تؤدي إلى سرطان الرئة وغيرها من الأجهزة الحيوية في الجسم، وليعلم قوله تعالى في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}، فالتدخين ليس من الطيبات، وليس من الحلال، بل هو من الخبائث والمستقذرات، كيف لإنسان يضع في فمه لهبا من النار؟ أنا أؤكد وأجزم أن الملائكة بعيدة عن المدخن طول الوقت بسبب رائحة فمه.
هذا، وبالله التوفيق.