تلجمني الوساوس وتأنيب الضمير بسبب ذنوبي كلما أردت نصح بنات أمتي

0 294

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع، جعله الله في موازين حسناتكم، وأعتذر عن كثرة استشاراتي، لكنني بحاجتها في هذه الفترة.

تأنيب الضمير أتعبني كثيرا، أريد أن أنسى كل ما ارتكبت من ذنوب، أريد أن أبدأ صفحة جديدة وأرتاح، أكره نفسي كثيرا، أشعر بتأنيب ضمير كبير جدا، أريد أن أنسى كل ما مضى، أرهقتني ذنوبي الماضية.

عمري 15 عاما، وأريد أن أنفع ديني وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، خصوصا أن لدي قدرة على الإقناع، كنت دائما أنصح الفتيات اللاتي في عمري لكني أشعر بأني منافقة، كلما أردت أن أنطق بكلمة حق أغلق فمي تماما وتأتيني وساوس كثيرة، وأخاف أن أكون من أصحاب هذه الآية: {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} و {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا}.

تبت لله ولن أعود لأي ذنب أبدا، فهل يحق لي أن أنصحهم أم أعتبر منافقة؟ والله إني لم أستفد من أي ذنب إلا الضيق والندم، أريد أن لا تقع أي فتاة بما وقعت فيه، أريد أن أغير مجتمعي، أريد أن أنفع فتيات أمتي، لكن تأتيني وساوس تجعلني أكره نفسي وأصمت تماما، كيف أبعد هذه الوساوس وتأنيب الضمير الذي أرهقني؟

جزاكم الله خيرا، أسأل الله أن يرفع قدركم ويسكنكم في الفردوس الأعلى، عفا الله عني وعنكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا -الفاضلة التائبة الراغبة في الخير- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويقدر لك الخير ويصلح الأحوال وأن يتوب علينا وعليك، ويهدينا ويجعلنا سببا لمن اهتدى وأن يحقق الآمال.

كم هو عظيم أن تجند التائبة نفسها للنصح، وهل هناك عمل أعظم من الدعوة إلى الله؟ قال العظيم سبحانه: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا} ولأنك طلبت العلو والدعوة إلى الله أرفع مقامات الدين؛ فإن الشيطان يذكرك بالماضي، وعلاج ذلك سهل، وقهر الشيطان ميسور -بحول الله وقوته-، وكيد الشيطان ضعيف، فجددي التوبة كلما ذكرك بما حصل، فإن عدونا يحزن إذا تبنا ويتأسف إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعامليه بنقيض قصده، ونتمنى أن تنتبهي لما يلي:

1- عليك بالدعاء ثم الدعاء.
2- حافظي على الأذكار والتلاوة؛ ليهرب الشيطان ويبتعد.
3- أكثري من الحسنات الماحية.

4- اعلمي أن الدعوة إلى الله واجبة على كل أحد، بل هي واجبة على كل من سمع مقالة فوعاها، ونحن نخطئ عندما نظن أن الذي ينبغي أن يدعو هو الذي لا ذنوب له، وقد أحسن الشاعر الحكيم وصدق في قوله:

ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمد

وقد قيل للحسن البصري: كيف نعظ وندعو ونحن لنا ذنوب وأخطاء وتقصير؟ فقال -رحمه الله-: ود الشيطان لو ظفر بمثل هذا، حتى يعطل الدعوة إلى الخير.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ما يدل على أن النصح واجب حتى على العصاة، فلو قال المقصر لإخوانه: إلى متى نظل هكذا؟ أما آن لنا أن نتوب ونؤوب؟ بل من النصح لمن وراءه أن يحجزهم عن ظلمات المعاصي، وقد نجد من يقول: نحن ضعنا ولا نريد لغيرنا أن يدخل النفق المظلم، وهذا ما قاله أهل الإدمان في بعض سجوننا العربية حين جاء من يحاورهم فأفحموه بقولهم: أين كنتم يوم ضعنا؟ أدركوا إخواننا الذين هم في بداية الطريق.

لقد أسعدنا بهذه الاستشارة ولن نمل من تواصلك، ونشرف بخدمة أبنائنا وبناتنا، وهنيئا لنا بهذه الهمة العالية وخيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا.

وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وفقك الله وسدد خطاك وحفظك وتولاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات