السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا, سؤالي ربما يكون غريبا بعض الشيء, ولكن أود شرحه لي.
سؤالي متعلق عن أمر السعادة والحزن, أحيانا كثيرة أشعر بأنني لا ينبغي لي أن أسعد، فالذنوب كثيرة, والحال لا يعلم بها سوى الله, فكيف أكون سعيدة؟ ثم أتذكر بأن الشيطان يود أن يحزن المؤمن، فأتراجع ويراودني السؤال ما هو أصل الحياة؟ هل السعادة أصلها أم الحزن؟
أعلم أن الاعتدال مطلوب في كل الأمور, لكن لا أحد منا لا يريد أن ينشرح صدره ويمتلئ بالفرح والسرور والحبور, فما نصيحتكم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لك السعادة، وأن يحقق الآمال.
الدنيا نعيمها منغص، والله سبحانه لم يرضها ثوابا لأوليائه، وهي لا تزن عنده جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقى الكافر منها جرعة ماء، والدنيا أتراح وأفراح، ولا يمكن أن يسعد فيها إلا المؤمن -فالحمد لله- على نعمة الإيمان، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له.
ووجود الحزن لا يعنى انعدام السعادة، لأن المسلم يؤجر على فرحه وحزنه، ويدخل الجنة بصبره، كما يدخل الجنة بشكره، فالأصل عند المؤمن هو السعادة، لأنه في كل الأحوال رابح، وإذا تذكر الأجر والثواب نسي ما يجد من الآلام، وقد قال عمر بن عبد العزيز (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، والمتأمل لدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في وفاة ابنه إبراهيم (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون)، فإعلان الرضا معنى جميل، وربما شوهد على وجهه التبسم إمعانا في الرضا.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وقد أفرحنا إدراكك أن الشيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئا، والحزن لما يصيب أهل الإيمان مما يؤجر عليه أهل الإسلام، كما إن فرحه للخير يتنزل على أهل الإيمان مما يؤجر عليه، ونسأل الله أن يسعدنا جميعا بطاعته، وأن يجعلنا ممن إذا أعطى شكر، وإذا أذنب استغفر، وإذا ابتلى صبر.
وبالله التوفيق.