السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أشكركم على مجهودكم الرائع في موقعكم، فجزاكم الله عنا خيرا.
أنا شاب عمري 32 عاما، من أسرة متدﯾنة وميسورة -ولله الحمد-، منذ فترة وأنا أبحث عن زوجة صالحة ﯾتوفر فيها الدﯾن والخلق، والقبول، ولم ﯾحدث نصيب.
التحقت بالعمل معنا فتاة جدﯾدة، فجذبتني منذ أول مرة رأﯾتها، وأعجبني جمالها ورقتها وحشمتها، وتصادف أن لها قرﯾبة معنا في العمل، فسألتها عنها فقالت لي: إنها متدﯾنة، وتقية، وأﯾضا ذات مستوى اجتماعي راقي، ولكن الفتاة بعمر 34 عاما، وقالت لي: إنها لم تتزوج لتفرغها لرعاية والدتها المرﯾضة، وأﯾضا ﻻنشغالها بإكمال دراستها العليا، حتى حصلت على درجة الماجستير في تخصصها.
ترددت في بادئ اﻷمر، ﻷنها تكبرني، ومتخوف بعض الشيء من فرص حملها في هذا السن، مع أنها تبدو أصغر بكثير من عمرها، كما أنني أشعر بالراحة تجاهها، وخاصة بعدما سمعت عن تضحيتها ﻷجل والدتها.
علما بأن ما عرفته أن نساء عائلتها معروف عنهن كثرة الحمل، حتى في الأعمار المتقدمة، فبماذا تنصحونني؟ وهل ﯾكون لعمرها تأثير على إمكانية الحمل، أو أن تفقد شيئا من جمالها؟ وخصوصا مع ما نسمعه من صعوبة الحمل والتشوهات الجينية بعد سن 35.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفهم قلقك، وأقول لك: نعم إن الخصوبة تتغير مع تقدم السن، ولكن هذا التغير لا يكون فجائيا أو سريعا، بل متدرجا.
لإعطائك فكرة عن الأمر سأتحدث بالأرقام: إن قمة الخصوبة عند النساء تكون في عمر بين 20-24 سنة، ولنفترضها بأنها تعادل نسبة 100%، هذه النسبة تبدأ بالانخفاض بشكل طفيف بما يقارب الـ 6% عندما تصبح الفتاة في عمر بين 24-29 سنة، أي تصبح خصوبتها 94%، ثم تزداد هذه النسبة لتصبح تقريبا 17% في عمر بين 30-34 سنة، أي تصبح الخصوبة 83%، وكون الفتاة التي تفكر في خطبتها هي في الرابعة والثلاثين، فهذا يعني بأن الخصوبة عندها في حدود 83% من الطبيعي، أي أقل بقليل من الخصوبة في سن العشرينات، لكنها ما تزال نسبة جيدة، ويمكن معها الحمل والإنجاب بشكل طبيعي تماما -بعون الله تعالى-.
الحقيقة هي أن العمر ليس هو العامل الوحيد الذي يتحكم في الإنجاب، فقد تكون المرأة بسن صغيرة، لكن يكون لديها مشاكل في المبيض، أو في الرحم، ومثل هذه المشاكل قد تحدث في أي وقت، وقد تكون بسن كبيرة، لكن الرحم والمبيضين عندها سليمان وخاليان من الأمراض.
كما أنه في بعض الحالات قد يكون كل شيء طبيعيا عند الزوجين، ويكونان بسن صغيرة، ومع ذلك لا يحدث الحمل عندهما، وهذا ما نسميه بـ(العقم غير المفسر).
لا شك بأنك تعلم - أيها الفاضل- بأن الانسان لا يضمن صحته، فمن هو سليم معافى اليوم قد يصاب بالمرض غدا، ومن هو مريض اليوم قد يتعافى غدا، فالذرية والصحة هي رزق مثل باقي الرزق الذي كتبه الله عز وجل، والإنسان سينال رزقه بإذن الله، لكن عليه بالسعي والأخذ بالأسباب، ثم بالتوكل على الله، فهو خير الرازقين، وهو الذي أمره إذا أراد شيئا فيكفي أن يقول له كن فيكون.
نسأله عز وجل أن يوفقك إلى ما فيه الخير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. رغدة عكاشة استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يرزقك بنت الحلال، وأن يوفقك ويصلح الأحوال، ويحقق لنا ولكم الآمال.
الفتاة المذكورة تحمل مؤهلات عالية كما وصفت، وهي فوق ذلك كانت بارة بوالدتها، والبر سبب لتوفيقها وتوفيق من حولها من زوج، أو أبناء يمكن أن ترزق بهم في المستقبل وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
كلام الطبيبة المختصة واضح، والأبناء هبة الوهاب، ولن يجد الرجل امرأة بلا نقائص، كما أن المرأة لن تجد رجلا بلا عيوب، والمهم في الزوج الدين والأخلاق، ثم الأسرة والقبول والارتياح الذي يقع في النفس، ومسألة العمر والمؤهلات والوظائف والوضع الاجتماعي كلها عوامل تزيد الناجح نجاحا، ولا تصنع النجاح بمفردها.
لا يخفى عليك أن القرار لك، وننصحك بأن تطرد التردد وتقبل على الفتاة التي أجد فيها فرصة لك بناء على ما ذكرته عن أحوالها، وكما هو معلوم فإن المسلم يسارع إلى صلاة الاستخارة عندما تتزاحم عنده الخيارات، فيطلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير.
سعدنا بتواصلك، ونؤكد لك أن مشوار الحياة طويل، فاتخذ القرار الذي ترتاح إليه، واعلم أن كلام الناس لا ينتهي ورضاهم غاية لا تدرك، وقل أن يسلم منهم أحد، فاتجه في الاتجاه الذي تستريح إليه وتوكل على الله، وثق بأنه لن يندم من يستخير ويستشير.
وفقك الله، وقدر لك الخير، وأرضاك به.