السؤال
السلام عليكم
أولا جزاكم الله خيرا على جهودكم ووقتكم.
أنا امرأة تزوجت منذ سنتين، لم تسمح لي الظروف أن أقابل والدة زوجي قبل الزواج سوى مرات قليلة جدا، فلم أتعرف على خلقها، وطلب زوجي أن تعيش معنا لأنها وهبته حصتها من الميراث، مع العلم أن الميراث كله ذهب في الحرب، ووافقت بناء على حديثه عنها.
لم تكن الأمور سهلة بعد الزواج بسبب خلق زوجي الذي اختلف بعد الزواج، فاحتسبت، وحاولت التغيير طبقا لشرع الله، وزاد الوضع سوءا لانتقال حماتي للعيش معنا، رأيت منها خلقا يجعل من الصعب أن يستمر الوضع على هذا الحال.
هي لا ترضى أن تذهب عند ابنها الآخر، لأنه لا يسعدها، ولكنها تفتعل المشاكل معه كي تبقى عندنا، لأنها تستغل زوجي لمصلحتها، ولأن وضع زوجي أفضل، بالإضافة إلى أنه يجعلني أعمل فهي وحيدة في المنزل تفعل كيف تشاء.
سألت لاحقا وعرفت أن وهبها حصتها من الميراث لا يجوز شرعا، وعرفت أشياء كثيرة لا توافق الدين.
سؤالي هو: هل علي وزر إذا طلبت أن تعيش قسما من الوقت عندنا، وقسما عند ابنها الثاني، بما أنني وافقت على سكناها معنا منذ البداية؟ وهل يجب علي أن أقبل أن تعيش معنا لأنها لا ترتاح عند ابنها الثاني؟ إذا كان ذلك فرضا علي فما حكم طلبي الطلاق في هذه الحالة، لأنني أصبحت تحت ضغط كبير جدا يؤثر على صحتي الجسدية منذ أن وصلت؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: حديثك هذا يدل على خلفية دينية لك، وعلى تدين فيك وخوف من الله -عز وجل-، وهذا هو الظن بالأخت المسلمة الصالحة، نسأل الله أن تكوني ذلك وزيادة، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلحك، وأن يأجرك خيرا على صبرك هذا.
ثانيا: الابتلاء أختنا أحد رسل الله -عز وجل-، يرسله الله للصالحين رفعة لدرجاتهم وتكفيرا لذنوبهم، ومن هنا فالمؤمن الحق هو من يتعامل مع البلاء متى ما وقع على أنه عطية، ويعيش وأمام ناظريه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير؛ إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن".
ثالثا: نرجو منك أختنا إبعاد فكرة الحديث عن الطلاق، فالكلمة على صعوبتها وجرسها السيئ، إلا أن واقعها أشد وأقسى، فلا تفكري أختنا أن تكوني مطلقة في مجتمع المطلقة فيه متهمة وإن كانت من أفضل الناس وأتقاهم وأخلصهم، لا تفكري مجرد التفكير في الطلاق، وسلي كل مطلقة عن وضعها وحالها ومآلها، البعض منهن أختنا الكريمة كانت تتصور أن الطلاق منجاة لها من آلامها، فإذا هي تكتشف أن آلامها كانت أرحم ألف مرة مما هي فيه اليوم.
رابعا: من الآثار السيئة التي يورثها التفكير في الطلاق: السلبية في التعامل مع المستجدات؛ مما يولد حالة من اليأس في الإصلاح، ويدفع إلى اتخاذ إجراءات فعلية في مسألة الطلاق، لذلك نتمنى عليك أن تنحي مسألة التفكير في الطلاق نهائيا، فالرجل على عيوبه التي ذكرت بعضها إلا إنها في دائرة المحتمل.
خامسا: من الناحية الشرعية أختنا: ليس واجبا عليك ولا فرضا خدمة أم زوجك، خاصة إذا كان الأمر فوق طاقتك وتحملك، ولا حرج إذا حدث ما يشبه الاتفاق أن تنتقل الوالدة بين ولديها، ولا حرج أن تطلبي من زوجك ذلك إذا كان في دائرة المتاح أو المقبول.
سادسا: أختنا الفاضلة، نرجو منك أن تعيني زوجك على بره بأمه، فالحياة قصيرة، ومهما عمرت فهي راحلة، وهي بابه إلى الجنة ولا يسرك أن تغضب عليه فيهلك زوجك، وما تفعلينه من خير هو باق لك، وستجدينه في أولادك وفي حياتك ويوم العرض أمام الله، وتخيلي أختنا أن لو كانت الأم تلك هي أمك أنت، وكانت أضعاف ما عليه أم زوجك أكنت تاركة لها مضيعة حقوقها؟! إننا نتمنى منك مزيد صبر وتحمل، والتماس الأجر من الله -عز وجل-، والتقرب إليها يجنبك مواجهتها ويلين قلبها، ويرطب أجواء البيت، وتذكري قول الله -عز وجل-: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
نسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يعينك، وأن يصبرك، وأن يهدي والدة زوجك وزوجك لما يحبه الله ويرضاه، والله المستعان.